فإذن ظهر وجه الاستدلال ظهوراً لا يرتاب فيه عاقل ، وكان الحاكم أبو عبد الله الحافظ يقول : يجب على الرجل أن يحذر من معاندة الشافعي وبغضه وعداوته لئلا يدخل تحت هذا الوعيد (١).
أقول : وقد ظهر أيضاً ظهوراً لا يرتاب فيه عاقل كفر من خطّأ أمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين ، والأئمة الطاهرين وأهل البيت المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، وثبت انهم ملعونون في كتاب الله وعلى لسان نبيه في الدنيا والآخرة ، والأخبار متواترة مسطورة في كتبهم وصحاحهم بمنع أبي بكر وعمر أمير المؤمنين عمّا يدعيه من فدك والخمس وغيرهما.
وقصارى ما ذكروا في تأويلها وتوجيهها لا تخرج عن تخطئتها لهما ومما يقضى منه العجب ، أن الرازي نفسه خطّأ الشافعي في مواضع (من هذه الرسالة) فاستحق اللعن والطرد بمقتضى كلامه واحتجاجه.
بل نسب إليه ما لا يجوز ، وهو أعظم من التخطئة حيث ذكر في عدد الاعتراضات التي أوردها الشافعي على الإمام مالك ، ما هذا لفظه :
ومنها : أخبرنا مالك ، عن أبي الزبير ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس أنه سئل عن رجل واقع أهله وهو محرم بمنى قبل أن يفيض ، فأمره أن ينحر بدنة. قال الشافعي وبه نأخذ.
وقال مالك : عليه عمرة وحجّة تامة وبدنة.
ورواه عن ربيعة وعن ثور بن زيد عن عكرمة ، فهو سيئ القول في عكرمة ، ولا يرى لأحد أن يقبل حديثه ، وهو يروي بيقين عن عطاء
__________________
(١). مناقب الشافعي للرازي : ١٢٦.