ولعلّ هناك من يعيب على هذا النوع من التأليف بأنّه يثير حفيظة البعض ، لأنّ كثيراً من أهل السنّة تلقّوا صحيح البخاري كتاباً صحيحاً برمّته يسمو عن البحث والنقد ، ولكن الحقّ انّ كل كتاب غير كتاب الله خاضع للبحث والنقاش.
إنّ السنّة النبوية تراث خالد للأُمّة الإسلامية تعد المصدر الثاني للشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم في مجالي العقيدة والشريعة.
فالسنّة المحكية ـ أي قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وفعله وتقريره ـ من الحجج القطعية الّتي لا تخضع للتمحيص ، كيف لا وهو كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!
وإنّما الخاضع للتحقيق والتنقيب هو السنّة الحاكية عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا عتب على باحث أن يقوم بدراسة الحديث دراسة موضوعية قائمة على أُسس علمية وبلغة هادئة.
فهذا النمط من البحث لجدير بالاهتمام والعناية من قبل الباحثين والمحقّقين لما فيه من تقرير للسنّة النبوية ، وتمحيصها عمّا ليس منها.
وها نحن بحمد الله لم نختلف فيما جاء به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولو كان هناك اختلاف فإنّما هو في ما روي عنه ، وهذا هو الّذي أرشدنا إليه الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، عند ما قال له بعض اليهود :
ما دفنتم نبيكم حتّى اختلفتم فيه!!
فقال عليهالسلام له : «إنّما اختلفنا عنه ، لا فيه ، ولكنّكم ما جفّت أرجلكم من البحر حتّى قلتم لنبيّكم : «اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ، فقال : إنّكم قوم تجهلون». (١)
__________________
(١). نهج البلاغة ، قصار الكلمات ، برقم ٣١٧.