منها حدّثنا محمد بن يحيى ، ثمّ قال : قال ابن أبي حاتم : ثقة صدوق امام (١).
وقال النسائي : ثقة مأمون إلى غير ذلك مما ذكروه في حقه من جلائل الأوصاف.
وثانياً : ان هذه المعاندة ، والمباغضة ، واللّداد ، والحسد ، سيما على العلم والحديث الذي هو من رزق الله تعالى يعطيه من يشاء على ما نصّ عليه البخاري ، مما يوجب الفسق والفجور ، والضلال سيما بملاحظة منشئه ، وهو حب الرئاسة ، والشهرة ، والتفرد بالأمر الذي نسبوه إلى الذّهلي.
ومع ذلك كيف روى عنه البخاري في صحيحه واحتجّ بحديثه مع شهادته عليه بما سمعت!؟ وقد بلغ من احتياطه! أنه والعياذ بالله ، لم يحتج بخبر الإمام الصادق صلوات الله عليه ، كما سمعت لما بلغه عن يحيى بن سعيد.
ثمّ انه دلّس في كتابه بأن لم يفصح باسم الذهلي (٢) مع أنه معتمداً ، ثقة ، في الحديث عند البخاري ، فلا وجه لإخفاء اسمه إلّا الحسد والبغض ، كما ذكر الذهبي أن منشأه ما كان بينهما ، وان لم يكن ثقة فاخفاء اسمه تدليس وخيانة صريحة ، حتى يظن أنه غير الذهلي وأنه رجل موثوق به مسكون إلى قوله (٣).
وثالثاً : بعد تسليم أن ما وقع من الذهلي وقع حسداً وبغضاً للبخاري ، وكذا ما وقع من البخاري نقول : يثبت بذلك سقوط أخبارهما جميعاً عن درجة
__________________
(١). سير أعلام النبلاء ١٠ : ٣٧٩ ، رجال صحيح البخاري ٢ : ١١٢٢ ، تاريخ الإسلام سنوات ٢٥١ ـ ٢٦٠ ص ٣٤٢.
(٢). إكمال مبهمات البخاري لابن حجر : ٧٦ ، طبقات المدلسين له أيضاً : ٢٤ رقم ٢٣ ، تبيين أسماء المدلّسين لابن العجمي : ٧٧ رقم ٦٤.
(٣). وقد فصّلنا البحث في ذلك في كتابنا : «الامام البخارى وصحيحه الجامع».