المقالة حين استخلفه : «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدى» (١).
السابع والعشرون : ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ـ وهو من اعيان علماء العامة على مذهب المعتزلة ـ قال : ذكر الطبري في تاريخه ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : «لما نزلت هذه الآية : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢) على رسول الله صلىاللهعليهوآله دعاني فقال : يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا ، وعلمت (٣) أني متى أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره ، فصمت عليه حتى جاءني جبرائيل فقال : يا محمد ، إنك إلا تفعل ما أمرت به(٤) يعذبك ربك فاصنع لنا صاعا من طعام ، واجعل عليه رجل شاة ، واملأ لنا عسا من لبن ، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى اكلمهم ، وأبلغهم ما امرت به ، ففعلت ما أمرني به. ثم دعوتهم وهم يومئذ أربعون رجلا ، يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا (٥) فيهم أعمامه : أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، فلما اجتمعوا إليه دعا بالطعام الذي صنعت لهم ، فجئت به ، فلمّا وضعته تناول رسول اللهصلىاللهعليهوآله بضعة (٦) من اللحم ، فشقّها بأسنانه ، ثم ألقاها في نواحي الصفحة. ثم قال : كلوا (٧) بسم الله: فأكلوا (٨) حتى ما لهم بشيء حاجة (٩) وايم الله الذي نفس عليّ بيده ، أن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدّمته لجميعهم. ثم قال : اسق القوم فجئتهم بذلك العس ، فشربوا منه حتى رووا منه جميعا وايم الله أن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله ، فلما أراد رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يكلّمهم بدره أبو لهب إلى الكلام ، فقال لشدّ ما (١٠) سحركم صاحبكم! فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال من الغد : يا علي ؛ إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول ، فتفرّق القوم قبل أن أكلمهم ، فعدلنا اليوم إلى مثل ما صنعت بالأمس (١١) ثم أجمعهم إلي ، قال : ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته لهم ، ففعل كما فعل بالأمس ، فأكلوا حتى ما لهم بشيء من
__________________
(١) المناقب لابن المغازلي ص ٣٠ ط ـ طهران ولفظ السند فيه : أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن العباس الواسطي قال : حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن أسعد قال : حدّثنا القاضي أبو عبد الله المحاملي قال : حدّثنا محمد بن منصور الطبرسي قال : حدّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال : حدّثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدّثنا محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه ..
(٢) الشعراء : ٢١٤.
(٣) في المصدر : وعرفت.
(٤) في المصدر : ما تؤمر به.
(٥) في المصدر : يزيدون رجلا أو ينقصون.
(٦) في المصدر : حذية. والحذية من اللحم : ما قطع منه طولا.
(٧) في المصدر : خذوا.
(٨) في المصدر : فأكل القوم.
(٩) في المصدر : وما أرى إلا موضع ايديهم.
(١٠) في المصدر : لهدما. كلمة يتعجب بها.
(١١) في المصدر : فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت.