__________________
كذبت يا ابن اليهودي ثمّ تلا : «ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والنبيين وآتى المال على حبه ...» الآية ، فقال عثمان : أترون بأساً أن نأخذ مالاً من بيت مال المسلمين فننفقه فيما ينوبنا من امورنا ونعطيكموه؟ فقال كعب : لا بأس بذلك. فرفع أبو ذر العصا فدفع بها في صدر كعب وقال : يا ابن اليهودي ما أجرأك على القول في ديننا؟ فقال له عثمان : ما اكثر أذاك لي غيّب وجهك عني فقد آذيتني.
فخرج أبو ذر الى الشام فكتب معاوية الى عثمان ان أبا ذر تجتمع اليه الجموع ولا آمن ان يفسدهم عليك ، فإن كان لك في القوم حاجة فاحمله اليك. فكتب إليه عثمان يحمله ، فحمله على بعير عليه قتبٌ يابس معه خمسة من الصقالبة يطيرون به حتى أتوا به المدينة قد تسلّخت بواطن أفخاذه وكاد أن يتلف.
ويُفسر البخاري ما جرى له في الشام في روايته حديث زيد بن وهب عن ابي ذر في صحيحه : قال : كنت بالشام فاختلفت انا ومعاوية في هذه الآية : الذين يكنزون الذهب والفضة ، فقال : نزلت في اهل الكتاب ، فقلت : فينا وفيهم ، فكتب يشكوني الى عثمان فكتب عثمان : اقدم المدينة فقدمت فكثر الناس عليّ كأنهم لم يروني قبل ذلك فذكر ذلك لعثمان فقال : إن شئت تنحيت فكنت قريباً ، فذلك الذي انزلني هذا المنزل.
وقال ابن حجر في فتح الباري في شرح الحديث : وفي رواية الطبري انهم كثروا عليه يسألونه عن سبب خروجه من الشام فخشي عثمان على اهل المدينة ما خشيه معاوية على اهل الشام ...
ويتابع المسعودي القصة ... وطلب عثمان منه الخروج فقال أبو ذر أسير الى مكة قال : لا والله ، فقال : فتمنعني من بيت ربي اعبده فيه حتى اموت قال : اي والله. فقال : فإلى الشام قال لا والله ، قال : البصرة ، فامتنع عثمان ، فقال أبو ذر : فسيرني حيث شئت من البلاد فقال : فاني مُسيرك الى الربذة.