بنفسه عمّا يهمّك ، واللعب : هو العمل المرتّب لغاية خياليّة ، ومنه لعب الأطفال ، ومثل قوله : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) (١).
ومثل قوله : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ* أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (٢) ففرض الكلام في اولي العقل ، وهم أحياء بحسب ما يحكم به إحساساتنا ، ثمّ نفى عنهم الحياة ، فعلمنا بذلك أنّ حقيقة الحياة هي التي لا يطرأ عليها الموت.
وهو تعالى وإن عدّ الحياة الآخرة من الحياة الحقيقيّة ، بقوله : (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٣) لكنّه سبحانه أفاد في آيات اخرى كثيرة أنّه هو المحيي فيها ، المفيض لها ، بيده زمامها ، فأفاد ذلك أنّ القصر في الآية للقلب أو الإفراد ، فالحياة الحقيقيّة هي التي لا يجوز طروّ الموت عليها ، ولا يعقل إلّا بكون الحياة عين ذات الحيّ ، غير عارضة لها ولا طارئة عليها بتمليك الغير وإفاضته ، قال تعالى : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ). (٤)
ومن هنا يظهر أنّ قوله تعالى : (هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (٥) قصر حقيقيّ غير إضافيّ ، وأنّ حقيقة الحياة ـ التي لا يشوبها موت ، ولا يعتريها فناء وزوال ـ هي حياته تعالى فهو الحيّ بذاته والحياة بذاته ، وغيره حيّ به.
فالأوفق في الآية : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُ) وفي قوله : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ
__________________
(١). آل عمران (٣) : ١٨٥ ؛ الحديد (٥٧) : ٢٠.
(٢). النحل (١٦) : ٢٠ ـ ٢١.
(٣). العنكبوت (٢٩) : ٦٤.
(٤). الفرقان (٢٥) : ٥٨.
(٥). غافر (٤٠) : ٦٥.