الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (١) أن يكون لفظ «الحيّ» خبرا بعد خبر ، فيفيد الحصر ، وقد عرفت أنّ معنى الحياة هو الوجود العلميّ ؛ أي كون الموجود بحيث يشعر بذاته.
وأمّا اسم «القيّوم» فهو اسم يحكي عن قيامه سبحانه بأمر ما سواه من شيء ، وإذ كان سبحانه هو المبدئ لكلّ شيء فهو القائم على كلّ ذات ووصف وفعل بحقيقة القيام التي لا يشوبها فتور.
ففي المقام حصران : حصر القيام عليه ؛ على ما يفيده كون «القيّوم» خبرا بعد خبر ، وحصره على القيام ، فليس عنده إلّا القيام ، وهذا هو الذي يفيده التقييد بقوله : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) وقد ضمّن الأخذ معنى الغلبة على ما قيل ؛ ولذلك قدّمت السّنة على النوم ، وكان ظاهر مقتضى الحال العكس ؛ بالتدرّج من النوم إلى السّنة ؛ فإنّ عدم أخذ النوم أضعف بالنسبة إلى عدم أخذ السّنة ، وهو ظاهر.
وهذا الاسم أمّ الأسماء الإضافيّة الثابتة له سبحانه كالخالق والرازق والمحيي والمميت والباعث والوارث وغيرها ، فكلّ واحد منها يحكي عن طور من أطوار القيمومة ، وحيثيّة من حيثيّاتها.
وقوله سبحانه : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ...)
هما جملتان كلّ واحدة منهما مقيّدة بقيد في معنى دفع الدّخل ؛ قوله : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) قيّد بقوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ)
__________________
(١). ظاهره وجود آيتين إحداهما مشتملة على لفظ «القيّوم» والاخرى خالية عنه ، والحال أنّ هذه الجملة وردت في القرآن مرّتين وفي كلتيهما يوجد لفظ القيّوم ، انظر : آية الكرسي هنا ؛ وآل عمران (٣) : ٢.