وقوله : (لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) ، (١) وقوله : (وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) ، (٢) وقوله : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) ، (٣) إلى غير ذلك. فلو كان المراد بيان علم الراسخين في العلم بالتأويل ، والنبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ منهم وسيّدهم قطعا ، لم يهمل ذكره بالتصريح به.
فقد بان من جميع ما مرّ أنّ التأويل ليس من قبيل مرجعيّة آية محكمة لاخرى متشابهة ، ولا بمعنى ما ينتهي إليه القصّة من تحقّق المخبر به في الخارج ، بل الظاهر المستفاد من موارد استعمالاته أنّه ما ينتهي إليه الشيء مع تحجّب واستبطان.
ومن هنا يظهر أنّ النسبة بين الشيء وتأويله نسبة الظاهر والباطن والجسم والروح ، فبين التأويل وذي التأويل نحو من الإتّحاد.
ومن هنا يظهر أيضا أنّ التأويل ليس وصفا للكلام من حيث إنّه لفظ ، ولا من حيث إنّ له مفهوما ، بل وصف خارجي لأمر خارجي ، واتّصاف الكلام بأنّ له تأويلا وصف له من حيث مصداقه ومطابقه الخارجي ، كما يدلّ عليه قوله : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) ، (٤) وعدّه من الآيات المنقولة سابقا.
ومن هنا يظهر أنّ إطلاق التأويل وإرادة خلاف الظاهر من المعنى كما هو المشهور ، فيطلقون التأويل ويريدون حمل الكلام على معنى يخالف ظاهره ، إطلاق مولّد منحرف ، منشأه تفسير جمع من قدماء المفسّرين التأويل بإرجاع المتشابه إلى المحكم بتوجيهه بما يوافقه.
__________________
(١). التوبة (٩) : ٨٨.
(٢). آل عمران (٣) : ٦٨.
(٣). التحريم (٦٦) : ٨.
(٤). الإسراء (١٧) : ٣٥.