إذا عرفت هذا ، علمت أنّ قوله سبحانه : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) ، بمنزلة قولنا : إن كنت تحبّ فلانا فأحببت محبّته لك وتسهيله طريقك إليه فاعمل بكذا ليحبّك ويرفع الموانع دون الوصول إليه ، فكأنّ المعنى : إن كنتم صادقين في حبّ الله أحببتم آثاره وما يرتضيه ، وهو ما عندي ـ من التقوى والإحسان بالعمل الصالح ـ ، فاتّبعوني يحببكم الله ؛ إذ هو القائل عزّ من قائل : (فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) ، (١) (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ، (٢) فهذا ـ أعني : حبّ الله ـ إحدى البشارتين ، والثانية : قوله : (وَيَغْفِرْ لَكُمْ).
فالذنوب هي العائقة عن الإشتغال بالله والحاجبة عن الله ـ جلّ شأنه ـ ، قال : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) ، (٣) (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ). (٤)
وفي المعاني عن سعيد بن يسار ، قال : قال لي أبو عبد الله ـ عليهالسلام ـ : هل الدين إلّا الحبّ ، إنّ الله ـ عزوجل ـ يقول : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ). (٥)
أقول : وروى مثله القمّي في تفسيره (٦) عن الحذّاء ، عن الباقر ـ عليهالسلام ـ ، والعيّاشي في تفسيره (٧) عن الحذّاء ، عنه عليهالسلام ، وعن بريد ، عنه عليهالسلام ،
__________________
(١). آل عمران (٣) : ٧٦.
(٢). آل عمران (٣) : ١٣٤.
(٣). المطففين (٨٣) : ١٥.
(٤). المطفّفين (٨٣) : ١٤.
(٥). لم نجده في معاني الأخبار ولكن رواه الكلينى بسند آخر في الكافي ٨ : ٧٩ ، الحديث : ٣٥ ؛ والصدوق بهذا الاسناد في الخصال ١ : ٢١ ، الحديث : ٧٤.
(٦). لم نجده في تفسير القمّي.
(٧). تفسير العيّاشي ١ : ١٦٧ الحديث : ٢٥ و ٢٧ و ٢٨.