الإغواء والإضلال ، وبذلك يحصل التميّز بين الخواطر ، وتمييز الخاطر الملكي من الخاطر الشيطاني ، فما يدعو إلى الله سبحانه من الخواطر فهو ملكيّ ، وما يدعو إلى غيره فهو شيطانيّ.
وربّما ظهر الشيطان بخاطر الملك ، ويعرف بالغرض منه وهو الذي من خطوات الشيطان ، كما مرّ في سورة البقرة عند قوله : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ). (١)
ثمّ إنّ الأنبياء ومن يتلوهم ربّما تيسّر لهم مشاهدة الملك والشيطان ومعرفتهما ، كما حكاه سبحانه عن آدم وإبراهيم ولوط ، (٢) فأغنى ذلك عن استعمال التمييز ، وأمّا مع عدم المشاهدة فحالهم حال سائر المؤمنين في استعماله وإن كانوا معصومين لا سبيل للشيطان إليهم في صدّهم عن سبيل الله ، كما سيجيء.
وإلى ذلك يشير ما في الكافي عن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله ـ عليهالسلام ـ عن الرسول ، وعن النبيّ ، وعن المحدّث؟ قال : الرسول : الذي يعاين الملك يأتيه بالرسالة من ربّه يقول : يأمرك كذا وكذا ، والرسول : يكون نبيّا مع الرسالة ، والنبيّ : لا يعاين الملك ينزل عليه الشيء النبأ على قلبه فيكون كالمغمى عليه فيرى في منامه ، قلت : فما علمه أنّ الذي في منامه حقّ؟ قال : يبيّنه الله حتّى يعلم أنّ ذلك حقّ ، ولا يعاين الملك ، الحديث. (٣)
__________________
(١). البقرة (٢) : ١٦٨.
(٢). الأعراف (٧) : ٢٠ ـ ٢٢ ؛ العنكبوت (٢٩) : ٣١ ـ ٣٣.
(٣). لم نجده بهذه الألفاظ في الكافي ولكن وجدناه في بصائر الدرجات : ٣٧١ ، الحديث : ١٢ ، نعم روى الكليني أحاديث بهذا المضمون ، فراجع : الكافي ١ : ١٧٦ ، الحديث : ١ ـ ٤.