وفي تفسير العيّاشي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : «هم والله شيعتنا حين صارت أرواحهم في الجنّة واستقبلوا الكرامة من الله عزوجل علموا واستيقنوا أنّهم كانوا على الحقّ وعلى دين الله عزوجل فاستبشروا بمن لم يلحقوا بهم من إخوانهم من خلفهم من المؤمنين». (١)
أقول : وهو من الجري ، بمعنى باطن التنزيل ؛ إذ القتل في سبيل الله تعالى وهو مفارقة النفس للبدن ومشتهياتها لا يتفاوت فيه الحال بين أن يكون ذلك بتسبيب أعداء الدين بسيف أو نحوه ، أو بتسبيب نفس الإنسان بمجاهدة نفسانيّة ؛ ولذلك سمّى النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ مخالفة النفس جهادا في ما روي عنه : رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ...» الحديث ، (٢) وقد مرّت الرواية : «إنّ سبيل الله : عليّ وذرّيّته ، والقتل في ولايتهم قتل في سبيل الله تعالى». (٣)
قوله سبحانه : (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)
قد مرّ كلام في نظير الآية من سورة البقرة ، وهو قوله : (بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) ، (٤) فقد نفى سبحانه عنهم الموت وأثبت الحياة ، وقوله : (عِنْدَ رَبِّهِمْ) ، متعلّق بقوله : (أَحْياءٌ) ، على ظاهر السياق ؛ إذ لا وجه لتعلّقه بقوله : (يُرْزَقُونَ) إلّا مراعاة السجع ، وحينئذ فمعنى كون حياتهم عند ربّهم على ما يفيده كلمة (عِنْدَ) من الحضور وكلمة : (الرّبّ) من الملك والتدبير أنّها حياة
__________________
(١). الكافي ٨ : ١٥٦ ، الحديث : ١٤٦ ؛ تفسير القمي ١ : ١٢٧ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٢ : ٥٢٦ ، الحديث : ٢ ؛ تفسير الصافي ٢ : ١٥٠. ولم نجده في تفسير العيّاشي.
(٢). جامع الأخبار : ١٠٠.
(٣). معاني الأخبار : ١٦٧ ، الحديث : ١.
(٤). البقرة (٣) : ١٥٤.