والوقوف عليه من غير بحث.
وغير الشيعة ـ وهم عامّة المسلمين ـ وإن أذعنوا بظهور المهديّ ورووه بالطرق المتواترة عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، لكنّهم أنكروا الرجعة وعدّوها من مختصّات الشيعة ، وربّما لحق بهم في هذه الأعصار بعض المنتحلين المنتسبين إلى الشيعة ، وعدّوها ممّا دسّ في الإسلام ، دسّه بعض اليهود وغيرهم من المتظاهرين بالإسلام ؛ كعبد الله بن سبأ وأمثاله.
وبعض المتفلسفين من هؤلاء رام إبطال الرجعة بأنّ الموت بحسب العناية الإلهيّة لا يطرأ على حيّ حتّى يستكمل بحسب ما يليق به من الوجود المادّي ، ويخرج إلى الفعل في كلّ ما له بالقوّة ، فرجوعه إلى الدنيا بعد موته رجوع إلى القوّة وهو بالفعل ، هذا خلف أو انقلاب ، إلّا أن يخبر به المخبر الصادق ؛ وهو الله سبحانه أو خليفة من خلفائه ، ولم يرد منه ولا منهم ذلك ، وما يدّعيه المثبتون غير تامّ. ثمّ أخذ في تضعيف الروايات ، فلم يدع منها صحيحا ولا سقيما ، هذا.
ولا يدري هذا المسكين : أنّ دليله هذا لو تمّ صدره في دلالته على الاستحالة ، لم ينقلب المحال ممكنا بإخبار المخبر الصادق ، وأنّ المخبر بوقوع المحال لا يكون صادقا ، وأنّ فرض صدقه في إخباره يوجب تأويل المحال ـ الذي أخبر به ـ إلى ما يكون ممكنا ، وليت شعري ما ذا يقول فيما أخبر الله به في قصص إبراهيم وموسى وعيسى وإرميا من إحياء الأموات؟! هذا.
وما ذكره ـ من امتناع عود ما خرج من القوّة إلى الفعل إلى القوّة ثانيا ـ حقّ ، لكنّ الصغرى ممنوعة ؛ فإنّه إنّما يلزم العود من الفعل إلى القوّة في الحياة بعد الموت الطبيعي ، دون الاخترامي الذي لقاسر ، ومن الممكن أن يستعدّ إنسان لكمال لا يجوّزه الاستعداد الموجود في العصر الحاضر معه إلّا زمانا بعد زمانه ،