على التربّص وتحبسها عن النكاح في الطهر ، وأمّا الحيض فلا سبيل لها إلى الرجال فيه ، وقد سدّ الله سبحانه فيه السبيل إذ قال تعالى : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) (١) فقوله : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) قرينة على أنّ المراد ب : «القرء» الطهر دون الحيض.
ومن هنا يندفع ما قيل : إنّ المراد ب : «القرء» الحيض دون الطهر ، مستندا إلى قوله ـ عليهالسلام : «دعي الصلاة (٢) أيّام أقرائك» وقوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ ... فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) (٣) فأقام الثلاثة أشهر مقام الحيض دون الطهر ، وإلى أنّ الغرض الأصيل من العدّة استبراء الرحم ، وهو إنّما يحصل بالحيض دون الطهر ، انتهى ملخّصا ، هذا.
وممّا مرّ يظهر معنى الروايات الواردة في الباب :
ففي تفسير العيّاشي عن زرارة ، قال : «سمعت ربيعة الرأي ، وهو يقول : إنّ من رأيي أنّ الأقراء التي سمّى الله في القرآن إنّما هي الطهر فيما بين الحيضتين ، وليس بالحيض ، قال : فدخلت على أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ فحدّثته بما قال ربيعة ، فقال : كذب ولم يقل برأيه ، إنّما بلغه عن عليّ ـ عليهالسلام ـ.
فقلت : أصلحك الله! أكان عليّ يقول ذلك؟ قال : نعم ، كان يقول : إنّما القرء
__________________
(١). البقرة (٢) : ٢٢٢.
(٢). أمّا قوله «دعي الصلاة ...» إلى آخره ، ففيه قرينة على إرادة الحيض ، وهي الصلاة. وأمّا الآية : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ ...) الى آخره ، فلم يقم الثلاثة أشهر مقام الحيضات ، وإنّما هو نصب الثلاثة عدّة فقط ، وأمّا أنّ الغرض الأصيل ـ وهو الاستبراء ـ إنّما يحصل بالحيض دون الطهر فهو حقّ ، لكنّه غير مفيد للمستدلّ ؛ إذ القائل بالأطهار إنّما يقول بخروج العدّة بتحقّق الحيضة الثالثة وطلوعها ، فالغرض محفوظ على أيّ حال. [منه ـ رحمهالله ـ].
(٣). الطلاق (٦٥) : ٤.