وجه الكلام وتغيير الوصف (١) كما هو الحقّ ـ لأنّ الوجوه الثلاثة ـ أعني التكلّم والخطاب والغيبة ـ كلّ واحد منها ذو وجوه ، كالغائب المفرد والجمع والمتكلّم وحده ومع الغير ـ فالتعيين يحتاج إلى نكتة ومرجّح ، كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (٢) ، فالخصوصيّات تحتاج إلى نكتة دون ما في أصل الالتفات ، وبذلك يندفع الإيراد.
فإن قلت : بعض ما ذكر من موارد الالتفات في الآيات آنفا لا يعدّه القوم منه ، كقولك : إنّ وصفه في أوّل الكلام ـ أعني قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ) ـ الغيبة ، ثمّ بالعدول إلى خطابه تعالى في قوله : (أَلَمْ تَرَ) ، صار الوصف التكلّم.
قلت : إنّهم وإن لم يصرّحوا به في أمثال هذه الموارد لكن ما حدّوه به يشمله ، وهو تقلّب الكلام في وصفه ووجهه ، ومن الواضح أنّ الأمر كذلك في ذلك. هذا.
قوله سبحانه : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ)
شجر الأمر ، أي اختلف واختلط ، ومنه الشجر ـ على ما قيل ـ لتداخل أغصانه.
وفي الكافي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ : لقد خاطب الله أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ في كتابه في قوله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) ، وتلا إلى
__________________
(١). راجع : البرهان ، الزركشي ٣ : ٣٢٥ ـ ٣٢٧ ؛ مشرق الشمسين ، البهائي العاملي : ٢٨٠.
(٢). البقرة (٢) : ١٥٩ و ١٦٠.