ومنتقما منه ، وهكذا ، وبتصادف نسبها وتلائمها يثبت القدر ، كما سيجيء بيانه. كذلك الصفات الكامنة في المؤمن الملازمة المنتشئة من مقامات الإيمان بالله تعالى ـ كالرضا والتسليم والتفويض والصبر والوقار والطمأنينة والعفّة والشجاعة ـ تستدعي من ربّه ما يظهر به عن كتم البطون ويؤثّر به أثره من محن وبلايا ونوائب وهزاهز ، والله مجيب لدعوتها وكاشف لكربتها. كلّ ذلك بنحو الحقيقة والصدق ، وليست من الأوهام والتخيّلات الشعريّة كما مرّ بيانه ، وإذا شفع ذلك بخصوصيّات الزمان والمكان وما عليه أمر الدنيا من الخير والشرّ والحقّ والباطل أنتج ذلك خصوصيّات ابتلاءات المؤمنين.
ومنها ـ وهو من اللواحق لما مرّ من الأقسام ـ : ما يقدّر للإنسان من البلاء ثمّ يصرف من محلّ إلى محلّ ، كمن يبتلى في نفسه ثمّ يصرف عنه إلى ولده أو إلى ماله ، وهكذا. وبالجملة ، كشف البلاء بدفع الأشدّ بالشديد ، والشديد بما هو أخفّ ، وتشمله آيات كشف الضرّ ، كقوله : (وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ) (١). ويشهد لما مرّ روايات كثيرة من طرق الفريقين.
فعن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ : «الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر» (٢).
وفي الكافي عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : ذكر عند أبي عبد الله البلاء وما يخصّ الله عزوجل به المؤمن؟ فقال : «سئل رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ :
__________________
(١). الشورى (٤٢) : ٤٨.
(٢). فقه الرضا ـ عليهالسلام ـ : ٣٣٩ ؛ الكافي ٢ : ٢٥٠ ، الحديث : ٧ ؛ من لا يحضره الفقيه ٤ :/ ٣٦٣ ، الحديث : ٥٧٦٢ ؛ سبل السلام لابن حجر العسقلاني ٤ : ١٧٩ ؛ كنز العمّال ٣ : ١٨٥ ، الحديث : ٦٠٨١ ؛ صحيح مسلم ٨ : ٢١٠ ؛ سنن الترمذى ٣ : ٣٨٤ ، الحديث : ٢٤٢٦ ، ٢٤٢٥.