النَّاسِ) (١) ، وقوله : (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) (٢) ، وكقوله تعالى : (لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٣) إلى غير ذلك من الآيات ، وقد مرّ في سورة البقرة عند قوله : (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٤) أنّ الحساب يجري بجريان الأعمال كالرزق.
ومنها : البلايا والمحن التي تجري على الإنسان بما كسبته أيدي آبائه ، نظير المقاصّة ، كمن يظلم أحدا فيسلّط الله عليه من يظلمه أو يظلم عقبه أو عقب عقبه ، أو يأكل مال اليتيم فيؤتم الله أولاده أو أولاد أولاده ، ويسلّط عليهم من يأكل مالهم. وقد مرّ الكلام في هذا القسم عند قوله : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ) (٥) ، في أوّل السورة ، وقد مرّ بعض الأخبار فيه.
ومنها : المحن والبلايا التي يمتحن بها المؤمن ويمحّص بها كما يمتحن بها الكافر ، وذلك أنّ المؤمن إذا تمكّن في الإيمان بالله انتشأ عنه الأخلاق الفاضلة والملكات الجميلة ، وكلّ خلق وملكة يستدعي لنفسه ظهورا بظهور أفعاله ، ويسأل الله تعالى فعليّة لنفسه بما يخلّصه من شوب الشوائب خلوص الذهب من خليطه ، وقد مرّ بيانه سابقا. فكما أنّ كلّ اسم من أسمائه تعالى يقتضي متعلّقا يتعلّق به ، وبتلائم نسبها المختلفة وتصادقها يتحقّق القدر بين الأشياء ، فالقدرة تقتضي مقدورا ، والعلم معلوما ، والرحمة مرحوما ، والرزق مرزوقا ، والمغفرة والعفو مذنبا يذنب فيغفر له ويعفى عنه ، وشدّة الانتقام وشدّة العقاب مذنبا معذّبا
__________________
(١). الروم (٣٠) : ٤١.
(٢). الروم (٣٠) : ١٠.
(٣). التحريم (٦٦) : ٧.
(٤). البقرة (٢) : ٢٠٢.
(٥). النساء (٤) : ٩.