المستضعفين؟ فقال شبيها بالفزع : «فتركتم أحدا يكون مستضعفا وأين المستضعفون فو الله لقد مشى بأمركم هذا العواتق إلى العواتق في خدورهنّ وتحدّثت به السقّاءات في طريق المدينة» (١).
أقول : والأخبار في المعاني السابقة كثيرة اقتصرنا منها على ما نقلناه ، ومدلول الجميع ما قدّمناه من إطلاق الآية ، وهو عدم الاهتداء إلى الحقّ من غير تقصير وحيلة.
قوله سبحانه : (وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً)
فيه دليل على أنّ المغفرة والعفو ربما يتعلّقان بمورد لا ذنب فيه كالمستضعف.
قوله سبحانه : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً)
في المجمع عن أبي حمزة الثمالي : لمّا نزلت آية الهجرة سمعها رجل من المسلمين وهو جندع ، أو جندب بن ضمرة ، وكان بمكّة ، فقال : والله ما أنا ممّا استثنى الله ، إنّي لأجد قوّة ، وإنّي لعالم بالطريق ، وكان مريضا شديد المرض ، فقال لبنيه : والله لا أبيت بمكّة حتّى أخرج منها ، فإنّي أخاف أن أموت فيها ، فخرجوا يحملونه على سرير ، حتّى إذا بلغ التنعيم مات ، فنزلت الآية (٢).
أقول : وكأنّها رواية ، وقد روت العامّة في القصّة أنّه لمّا أدركه الموت أخذ يصفّق بيمينه على شماله ثمّ قال : الّلهمّ هذه لك وهذه لرسولك ، أبايعك على ما بايعك عليه رسولك ، فمات حميدا ، فبلغ خبره أصحاب رسول الله ـ صلّى الله
__________________
(١). الكافي ٢ : ٤٠٤ ـ ٤٠٥ ، الحديث : ٤.
(٢). مجمع البيان ٣ : ١٧١.