قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)
غرض السورة على ما يلوح من عامّة آياتها هو الدعوة إلى الوفاء بالميثاق ، والعهد والشكر على النعمة التي أنعم بها ، وأن يتحفّظوا على ذلك ولا يتهاونوا في كلائته فلا يتعدوا حدوده ، ولا يعتدوا ولا يطغوا في ملكه بنعمه ، وإن عادته سبحانه جرت بالرحمة وتضعيفها لمن اتّقى وآمن ثم اتّقى وأحسن ، والتشديد على من تعدى واعتدى ببغي أو حسد أو طغيان بالخزي والاستدراج والعذاب.
ويتّضح ذلك بالتأمل في ما افتتحت به السورة وما اختتمت به من قصّة المائدة وسؤال المسيح ، وما وقع فيها من التعرّض لأحكام الحدود والقصاص وغير ذلك ، وما ذكّر بها من قصص بني إسرائيل وما تشتمل هي عليه من اعتدائهم ومقته إيّاهم ، وقصّة إبني آدم ـ عليهالسلام ـ ، والنهي عن عامّة ما يوجب التفريط والتهاون في أمر الله من تولّي أعداء الله والتبرّي من أوليائه ، إلى غير ذلك.
قوله سبحانه : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)
العقد وهو ما يقابل الحلّ بنحو خاصّ من الشدّ فيما يقبل خلافه ، سواء كان في علم أو عمل ، والآية مطلقة بل عامّة ، لمكان الجمع المحلّى باللام ، فهي تشمل الإيمان بالله ـ سبحانه ـ ورسوله وكلّ ما جاء به من عنده سبحانه ، وما يعدّه الإنسان في ظرف الاجتماع المدني بحبّ غريزة الاعتبار عقدا وعهدا كأقسام العهود وعقود المعاملات فيما لا يسلب عنه اسم العقد كالميسر واللغو من الأيمان وغير ذلك فافهم ذلك.
وفي تفسيري العياشي والقمي : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قوله : (أَوْفُوا