فاذكر اسم الله عليه فهو ذكاته (١).
أقول : وقوله ـ عليهالسلام ـ : كل شيء من السباع ، ـ الى آخره ـ ، إشارة إلى حكمة التشريع ، وهو حلول الكلب في صيده محل الآلة القتّالة بخلاف سائر الجوارح ، وهو من القرائن على إرادة الكلب من الآية دون سائر الجوارح ، حيث قال سبحانه : (مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) ، ولم يقل : مما أمسكن ، وفي المعاني السابقة عدّة روايات ، وفيها ما يدلّ على صدور خلافها للتقيّة كما في تفسير العيّاشي : عن سماعة ، عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : كان أبي يفتي وكنّا نفتي ونحن نخاف في صيد البازي والصقور ، فأمّا الآن فإنّا لا نخاف ولا نحل صيدها (٢) إلّا أن تدرك ذكاته ، وإنّه لفي كتاب عليّ : إنّ الله قال : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) ، فهي الكلاب (٣).
قوله سبحانه : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ)
هذا من عجيب البيان ، وتكرار قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) ، مع مضيّه في الآية السابقة ، وكأنّه لغرض إيجاد الطمأنينة في نفس السامع بضمّ المشكوك هذه بالمعلوم كما ربّما يشفّع غير المسلم عند المخاطب بالمسلم عنده ارضاءا له ، يقول السيّد لخادمه : لك ما ملّكتكه من المال وزيادة ، ومن هذا الباب يوجه قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) (٤) ، وقوله : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا
__________________
(١). تفسير القمي ١ : ١٦٢.
(٢). في المصدر : «ولا يحل صيدهما»
(٣). تفسير العياشي ١ : ٢٩٤.
(٤). يونس (١٠) : ٢٦.