أقول : قوله عليهالسلام : أن يرى الرأي بخلاف الحق ... ، أن يتحقّق عنده الحقّ ويثبت ، ثم يقيم على خلافه كما يشعر به آخر الحديث ، ومن المعلوم أنّ الإقامة والمداومة على معنى يقتضي دوام الإرادة له ، وهي لا تتحقّق إلّا عن علم بالصلاح ، وهو الرأي فعنده علم بالحقّ متروك ، وعلم بخلاف الحقّ مرضي عنده ، ولذلك كان كفرا.
وأمّا الترك مرّة أو مرّات من غير إقامة عليه فليس من الكفر في شيء ، ولذلك صرّح به في بعض الروايات كما في تفسير العيّاشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال عليهالسلام : هو ترك العمل حتى يدعه أجمع ، (١) الحديث.
وأمّا الخروج بذلك عن الإسلام فربّما يستفاد من مثل قوله : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً* أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) (٢) وقوله : (لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ* وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٣).
وهذا تشريك في الحدّ من غير تعميم للحكم ، ونظائره في كلامه سبحانه كثيرة ، وأساسها كون هذه الأمور حقائق مشكّكة ذوات مراتب.
وفي تفسير القمّي قال عليهالسلام : من آمن ثمّ أطاع أهل الشرك (٤).
__________________
(١). تفسير العيّاشي ١ : ٢٩٧.
(٢). الكهف (١٨) : ١٠٣ ـ ١٠٥.
(٣). الأعراف (٧) : ١٤٦ ـ ١٤٧.
(٤). تفسير القمّي ١ : ١٦٣.