قوله سبحانه : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ)
الكفر أصله الستر ، فهو يتعلّق بأمر ثابت كالكفر بالله وبرسوله وباليوم الآخر والكفر بأنعم الله ، فالكفر بالإيمان يقضي بوجود إيمان ثابت ، فليس المراد به المصدر ، بل إسم المصدر وهو ما يثبت عند المؤمن من الاعتقادات الحقّة فيؤوّل معنى الكفر بها إلى ترك العمل بها مع ثبوت العلم ، ولذلك فسرت به في عدّة أخبار.
ففي تفسير العيّاشي عن عبيد بن زرارة ، قال سألت أبا عبد الله [ـ عليهالسلام ـ] عن قول الله عزوجل : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) ، قال : ترك العمل الذي أقرّ به ، من ذلك أن يترك الصلاة من غير سقم ولا شغل (١).
أقول : والروايات في هذا المعنى كثيرة رواها في الكافي وتفسير العيّاشي عنه عليهالسلام وعن أحدهما ـ عليهماالسلام ـ (٢) والتمثيل في غالبها بالصلاة كما في هذه الرواية ؛ لأنّ الله سبحانه سمّاها إيمانا في قوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) (٣) في سورة البقرة.
وفيه أيضا : عن أبان بن عبد الرحمان ، قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليهالسلام ـ يقول : أدنى ما يخرج به الرجل من الإسلام أن يرى الرأي بخلاف الحقّ فيقيم عليه قال : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) ، وقال عليهالسلام : الذي يكفر بالإيمان ، الذي لا يعمل بما أمر الله به ولا يرضى به (٤).
__________________
(١). تفسير العيّاشي ١ : ٢٩٦.
(٢). الكافي ٢ : ٣٨٤ ـ ٣٨٧ ؛ تفسير العيّاشي ١ : ٢٩٧.
(٣). البقرة (٢) : ١٤٣.
(٤). تفسير العيّاشي ١ : ٢٩٧.