كُنْتُمْ مَرْضى) نحو قولنا : وإن لم تجدوا ماءا فتيمّموا كان أوفى وأشمل ، لكون الإيجاز أوفى لضرب القاعدة ، ولكون ما عدّ من الموارد موارد خاصة لا يعمّ جميع موارد العذر.
وثانيا : إنّ عدم الوجدان لو لم يشمل مورد عدم التمكّن لم يحتج أيضا إلى التفصيل ، بل كفى أن يقال : وإن كنتم مرضى أو لم تجدوا ماءا فتيمموا ... إلى آخره.
وثالثا : هب ، أنّ المقام مقام الإطناب ، لكن الأقسام الأربعة ليست بمتقابلة ، فذكر المرض لإفادة مورد عدم التمكّن ، وذكر السفر لإفادة مورد عدم الوجدان سواء كان للحدث الصغير أو الكبير ، وحينئذ فيغني ذكر المرض والسفر عن قوله : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ) إلى آخره ، وتخصيص كلّ من الموارد الأربعة بما لا يشارك الآخر تخصيص بلا مخصّص.
ورابعا : هب ، أنّ الأقسام متقابلة ، لكن قوله في صدر الآية : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) أشمل من قوله : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) ، وكذا قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) عن قوله : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) ، فما وجه العدول من الجملتين إلى ما هو أخصّ موردا ، وقوله : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) عطف على محل قوله : (كُنْتُمْ مَرْضى) وهو الموجب أيضا لعطف قوله : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) عليه أيضا وقد أبهم سبحانه الفاعل فيه وقد كان مقتضى السياق أن يقال : أو جئتم ، أو يقال : أو جاء أحدكم مراعاة لجانب الأدب.
قوله سبحانه : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ)
استيناف ، هو كالتثبيت لغرض البيان في السورة بتذكير النعم ليشكر عليها ، والمواثيق ليتحفّظ بها ، والاستشهاد بقصص من بني إسرائيل يذكر فيها ما بلغ بهم