حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١٤)]
قوله سبحانه : (إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ ...)
في تفسير القمي : يعني أهل مكّة من قبل أن فتحها ، فكفّ أيديهم بالصلح يوم الحديبيّة (١).
قوله سبحانه : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا)
في الآيتين التفات من الغيبة في قوله : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ) ، إلى التكلّم بالغير في قوله : (وَبَعَثْنا) ثمّ إلى الغيبة في قوله : (وَقالَ اللهُ) ، ثمّ إلى المتكلّم في قوله : (لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً) ، ثمّ إلى الغيبة في قوله : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
ويمكن أن يكون الوجه فيها أنّ أخذ الميثاق بواسطة موسى فمقامه سبحانه حينئذ مقام الغيبة ، وكذلك تكليمهم بقوله : (إِنِّي مَعَكُمْ) ، وكون البعث وكذلك اللعن وتقسية القلب فعلا له سبحانه بغير واسطته فمقامه في الحكاية هو التكلّم ، وأمّا قوله : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) فقد مرّ في معنى الإحسان ، أنّ مقام الإحسان مقام العبادة على غيبته ، فالأنسب الغيبة.
فإن قلت : لو صحّ ما مرّ من الوجه في اتخاذ الغيبة في قوله : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ ...) ، لكان اللازم ذلك فى قوله : (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا
__________________
(١). تفسير القمي ١ : ١٦٣.