فهو في معنى التشبيه ، وكقولنا : إنّ قتل هابيل كان كقتل الناس جميعا ، لأنّه الفاتح لهذا الباب والممكّن في النفوس إذعان أن الإنسان يمكن أن يقتل.
وأمّا إذا كان الفرد المشبّه فردا منتشرا مرسلا ثمّ يشبّه بأفراد النوع جميعا كان التشبيه نقضا لغرض التشبيه وبطل الحكم المذكور ، فإنّ جمع الأفراد في المشبّه به وضمّ بعضها إلى بعض إنما هو لتقوية الوصف وتكبيره بتراكم بعضه على بعض ، فوصف الكلّ أقوى من حكم الفرد ووصف الفرد أعني المشبّه أضعف منه ، فإنّه فرد بعضه مرسل ، وقد ادّعي بالتشبيه أنّه مثله ، وهذا هو نقض الغرض ، فهذا تشبيه فاسد غير أنّ المقام ربما أصلح ذلك ، كما إذا كان مقام تشديد وتضعيف للنكال ، فإنّ الدعوى حينئذ أنّ الواحد بالواحد لكنّ الأمر مقرون بما يوجب وضع الكثير موضع القليل ، وعدّ الجميع واحدا في الأخذ والعقاب ، فافهم ذلك.
فيرجع المعنى على هذا أنّ القتل الواحد لما كان في قوة فتح الباب وتسهيل الطريق لكل فساد في الأرض ، والاعتداء والطغيان ، يوجب التشديد وتضاعف السخط ، كتب على بني اسرائيل وهم المستهينون لبيانات الأنبياء والمناقضون لمواثيق الله المستخفون لأوامر الله ونواهيه أنّ القتل الواحد محسوب منهم قتلا للجميع ، والإحياء الواحد إحياء للجميع ، فذلك حكم مشدّد لبني إسرائيل أمّة موسى ، ومن بعدهم أنفذه الله في حق بني آدم لمّا شاع منهم الإجتراء والهتك لمحارم الله ، والنقض لغرض الخلقة.
هذا ، وأما ارجاع الإشارة إلى نبأ ابني آدم فالأمر لا يساعد عليه المعنى.
وفي تفسير القمّي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ في حديث قال الله تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) ، فلفظ الآية خاص في بني إسرائيل ومعناه