وبذلك يظهر معنى قوله ـ عليهالسلام ـ : «فأيّما رجل منكم غضب على ذي رحمه فليدن منه ، فإنّ الرحم إذا مسّتها الرحم استقرّت» انتهى ، فإنّ الدنوّ من ذي الرحم رعاية لحكمها ، فهو تثبيت لها تحريك لسببها ، فيتجدّد حكمها بظهور الرأفة والشفقة.
وقوله ـ عليهالسلام ـ : «وإنّها متعلّقة بالعرش تنتقضه (١) انتقاض الحديد فتنادي : الّلهم صل من وصلني واقطع من قطعني» انتهى ، قد عرفت في الكلام على الكرسي إجمالا ، وسيأتي في الكلام على العرش : أنّ العرش مقام العلم بالغير ، وهو الباب الباطن من الغيب ، ومعلومه الموجودات المجملة الوجود المحيطة بالتفاصيل ، فإنّ نظام الوجود مؤلّفة من تفاصيل وخصوصيّات وحدود مشروحة يجمع كلّ جهة من جهاتها المتفرّقة وجود جامع محيط بها ، كالإنسان لأشخاصه ، والرحم لشتاتها ، وهكذا ، ومقام العلم المتعلّق بالشتات هو الكرسي ، كما مرّ ، والمتعلّق بالمجمل المحيط هو العرش كما سيتبيّن.
وبالتدبّر في ذلك يظهر معنى تعلّقها بالعرش ودقّها باب الغيب بالأنقاض ودعاؤها بصلة من وصلها وقطع من قطعها ، فهو منه ـ عليهالسلام ـ من غرر التماثيل ونفائس البيان.
وقوله ـ عليهالسلام ـ : «وذلك قول الله في كتابه : (وَاتَّقُوا اللهَ) ، فالرقيب من أسمائه تعالى الفعليّة من فروع العلم الإجمالي ؛ إذ هو من قولك : رقبته أرقبه رقوبا ، إذا رصدته وانتظرته ، فإذا لوحظ ظهور العالم والمعلوم معا كان شهادة ، وإذا لوحظ خفاء ودقّة في جانب المعلوم كان خبرة ، وإذا لوحظ خفاء في جانب
__________________
(١). في الاصل : «تنقضّه»