ولهما مال ، فالإستمتاع منه بالأكل والشرب مثلا لهما ، لكن تدبير المال لغيرهما كالوالد وذلك لوجود جهاز التغذّي فيهما دون العقل والتميز.
وهذا المعنى أعني ملك التدبير هو المسمّى ب : الولاية كما أنّ المعنى الأوّل يسمّى ب : الربوبيّة ، وهذا هو الأصل في معنى الولاية والجامع بين جميع موارد استعمالاتها ، فوليّ الصغير : من بيده تدبير أمره ، ووليّ المجنون : من يلي أمره ، والملك وليّ الرعية ؛ لأنّه يلي أمورهم العامّة ، والوالي يلي العامّ من أمر الناس ، ووليّ العهد يلي أمر العهد الذي عهد إليه في الملك والسلطنة ، والصديق والخليل وليّ صديقه وخليله ؛ لأنّه له أن يلي أمره بسبب الصداقة والخلة ، (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (١) ، لأنّ المؤمن له وعليه أن يتخذ أخاه المؤمن كذلك ، وينزّله منزلة نفسه ، ويسلب عن نفسه الإختيار إتجاه إرادته ، والثاني يلي الأوّل ، أي يلي أمره في الرتبة التي بعده.
(فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها) (٢) ، أي نأمرك أن تلي جهة الكعبة ، ويولّون الأدبار :
أي يجعلون أدبارهم هي التي تلي جهة الحرب ، كأنّ جهتي المعركة أمران يحتاجان إلى التدبير ويتكفلهما العسكران تدبيرا إلى غير ذلك ، وكذلك المولى بجميع المعاني التي عدّت له.
فالولاية هي ملك التدبير ، والوليّ من اختزن عنده معنى الولاية على ما يتحمّله صيغة فعيل.
قال تعالى : (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) (٣) وقال : (أَلا إِنَ
__________________
(١). التوبة (٩) : ٧١.
(٢). البقرة (٢) : ١٤٤.
(٣). فصلت (٤١) : ٣١.