والمواريث توطئة لما سيجيء.
وقوله : (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ)
أي أكل الحرام بأكل الحلال ، أو بتبديل ما عندكم من الرديء بمالهم الطيّب ، فكلّ منهما تبديل.
وفي نهج البيان للشيباني عن الباقر والصادق ـ عليهماالسلام ـ : «لا تتبدّلوا الحلال من أموالكم بالحرام من أموالهم لأجل الجودة والزيادة فيه» (١).
أقول : وهو يحتمل كلا المعنيين.
وقوله تعالى : (حُوباً كَبِيراً)
الحوب : الإثم ، مصدر واسم مصدر.
قوله سبحانه : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ)
عجيبة النظم على ما يتراءى منها من عدم التلائم بين الشرط والجزاء ، وما وجّهها به المفسّرون لا يخلو من تعسّف ، ولم يرد شيء في شأن نزولها حتّى يستراح إليه وتوجّه به. والذي يتحصّل من معناها للنظر الخالي مع ملاحظة حال الناس في الجاهليّة على ما هو المأثور أنّهم كانوا يحرّمون النساء والصغار من الميراث ، وربّما تزوّجوا اليتامى طمعا في مالهنّ وربما سلبوهنّ مالهنّ من غير نكاح ، فبقين لا مال لهنّ يرتزقن بها ، ولا رغبة من راغب فيهنّ لينكحهنّ وينفق عليهنّ ، فلمّا نزلت في أموال اليتامى مثل قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ
__________________
(١). لم نعثر على كتاب نهج البيان ، ولكن روي في تفسير ابن كثير ١ : ٤٥٩.