وهو المالك لكل شيء على الإطلاق ، كلّ ذلك حسب ما يليق بساحة عزّه وقدس جلاله عزوجل وهذه الآية تصديق قوله تعالى كالتفصيل بقوله : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) (١) ففصّلها بقوله : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) في المرسلين ، وبقوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ* فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ* فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) (٢) ، في المرسل إليهم.
وفي المعاني عن موسى بن جعفر قال : «قال الصادق ـ عليهالسلام ـ في قول الله عزوجل : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا) ، قال : يقولون : لا علم لنا بسواك ، قال : وقال الصادق ـ عليهالسلام ـ : «القرآن كلّه تقريع وباطنه تقريب» ، قال الصدوق ـ رحمهالله ـ : يعني بذلك أنّه من وراء آيات التوبيخ والوعيد آيات الرحمة والغفران (٣).
أقول : أمّا قوله عليهالسلام : «يقولون لا علم لنا بسواك» ، فقد اتّضح معناه بما قدّمناه ، وأمّا قوله : «القرآن كلّه تقريع» إلى آخره ، فمعناه : أنّ أسلوب الكمال الذي وقعت فيه بالنسبة إلى الأنبياء والأولياء ، وإن كانت في الظاهر ينفي عنهم البراعة في الكمالات والمزيّة في الإختصاصات الإلهية ، فهو بحسب الباطن تقريب وثناء عليهم ، فما عندهم من المناقب إنّما هي لربهم فليس لهم في أنفسهم إلّا ربّهم ، وبه ملكوا كلّ كمال ، كقوله في رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : (لَيْسَ
__________________
(١). الأعراف (٧) : ٦.
(٢). القصص (٢٨) : ٦٥ ـ ٦٦.
(٣). معاني الأخبار : ٢٣٢.