ـ صلىاللهعليهوآله ـ : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) فهو الشهيد على الشهداء ، والشهداء هم الرسل» (١).
أقول : والأخبار في هذا المعنى كثيرة ، وقد مضت جملة منها مع بيانها في سورة البقرة عند قوله : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) (٢).
قوله : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ)
في تفسير العيّاشي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ عن جدّه قال : «قال أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ في خطبته يصف هول يوم القيامة : ختم على الأفواه فلا تكلّم ، وتكلّمت الأيدي وشهدت الأرجل ونطقت الجلود بما عملوا (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً)» (٣).
أقول : وهذا الأسلوب من الكلام ـ وهو تمنّي المرء أن يسوّى به الأرض ـ إنّما يلقى في مورد يبلغ الذلّة نهاية مبلغها أو الخجل غايته ؛ وإذ كان القول في كلّ مختال فخور فهذا يكشف عن ذلّتهم غاية الذلّة حيث يشاهدون شهادة الرسول وقد اقيموا مقاما لا يسعهم الكتمان ؛ إذ لا حائل يحول بين الله وأعمالهم ، ولا قوّة يقدرون بها على أن يستروا أعمالهم وراء ذلك الحائل ، قال الله سبحانه : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) (٤) ، وقال : (أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (٥). وحينئذ ينطبق على الرواية ، وسيأتي استيفاء البيان في سورة الأنعام إن شاء الله العزيز.
__________________
(١). تفسير العيّاشي ١ : ٢٤٢ ، الحديث : ١٣٢.
(٢). البقرة (٢) : ١٤٣.
(٣). تفسير العيّاشي ١ : ٢٤٢ ، الحديث : ١٣٣.
(٤). إبراهيم (١٤) : ٢١.
(٥). البقرة (٢) : ١٦٥.