اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) (١) ، وحينئذ يستقبل إلى كلّ باطل ويستدبر كلّ حقّ.
وقوله بعد ذلك : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) ، في مقام التعليل ، ويفيد أنّ الطمس من تبعات الشرك ، وهو وإن كان في صورة الاستعارة لكن قد عرفت في أوّل سورة البقرة أنّ لهذه الامور صورة حقيقة من دون مجاز.
هذا ، وفي المجمع عن الباقر ـ عليهالسلام ـ : إنّ المعنى نطمسها عن الهدى فنردّها على أدبارها في ضلالتها بحيث لا يفلح أبدا (٢).
قوله سبحانه : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)
التقييد بالمشيئة لإفادة بقاء الاختيار.
وفي الكافي والفقيه عن الصادق ـ عليهالسلام ـ أنّه سئل : هل تدخل الكبائر في مشيئة الله؟ قال : «نعم ، ذاك إليه إن شاء عذّب عليها وإن شاء عفا عنها» (٣).
وفي الكافي أيضا عن الصادق ـ عليهالسلام ـ في الآية ، قال : «الكبائر وما سواها» (٤).
وفي تفسير العيّاشي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) يعني أنّه لا يغفر لمن يكفر بولاية عليّ ـ عليهالسلام ـ (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) يعني لمن والى عليّا (٥).
أقول : وهو من الجري ظاهرا ، والمراد بالولاية ـ كما مرّ مرارا ـ سلوك العبد سبيلا يتولّى الله فيه أمره. نعم ، ولايته بمعنى محبّته من مراتبه أو مقدّماته كافية
__________________
(١). الروم (٣٠) : ٣٠.
(٢). مجمع البيان ٣ : ٩٩.
(٣). من لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٧٤ ، الحديث : ٤٩٦٦ ؛ ولم نجده في الكافي.
(٤). الكافي ٢ : ٢٨٤ ، الحديث : ١٨.
(٥). تفسير العيّاشي ١ : ٢٤٥ ، الحديث : ١٤٩.