وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً (٣٥) وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً (٣٦) قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (٣٧) لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً (٣٨) وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً (٣٩) فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً (٤١) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (٤٢) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً (٤٣) هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً (٤٤))
قلت : (رَجُلَيْنِ) : بدل من (مَثَلاً) ، وجملة (جَعَلْنا ...) بتمامها : بيان للتمثيل ، أو صفة لرجلين ، و (ما شاءَ اللهُ) : خبر ، أي : هذا ما شاء الله ، أو الأمر ما شاء الله ، أو مبتدأ حذف الخبر ، أي : الذي شاء الله كائن ، أو شرطية ، والجواب محذوف ، أي : أىّ شىء شاء الله كان ، و (هُنالِكَ) : ظرف مقدم ، و (الْوَلايَةُ) : مبتدأ ، والظرف : إشارة إلى الآخرة ، وهذا أحسن.
يقول الحق جل جلاله : (وَاضْرِبْ لَهُمْ) أي : للفريقين ؛ فريق المؤمنين والكافرين المتقدمين ، (مَثَلاً) ؛ من حيث عصيان الكافر ، مع تقلبه فى النعيم ، وطاعة المؤمن ، مع مكابدته مشاقّ الفقر ، وما كان مآلهما ، لا من حيث ما ذكر من أن للكافر فى الآخرة كذا وللمؤمن كذا ، أي : واضرب لهم حالى (رَجُلَيْنِ) مقدرين أو محققين ، هما أخوان من بنى إسرائيل ، أو شريكان : كافر ، واسمه قطروس ، ومؤمن ، اسمه يهوذا ، اقتسما ثمانية آلاف دينار ، أو ورثاها من أبيهما ، فاشترى الكافر بنصيبه ضياعا وعقارا ، وصرف المؤمن نصيبه إلى وجوه البر.
روى : أن الكافر اشترى أرضا بألف دينار ، فقال صاحبه المؤمن : اللهم إن فلانا اشترى أرضا بألف ، وإنى أشترى منك أرضا فى الجنة بألف ، فتصدق بألف دينار ، ثم إن صاحبه بنى دارا بألف دينار ، فقال المؤمن : اللهم إن صاحبى بنى دارا بألف ، وإنى أشترى منك دارا فى الجنة بألف ، فتصدق بألف دينار ، ثم إن صاحبه تزوج