فلا عمل منّى إليك اكتسبته |
|
سوى محض فضل لا بشىء يعلّل |
وقال آخر :
قد كنت أحسب أنّ وصلك يشترى |
|
بنفائس الأموال والأرباح |
وظننت جهلا أنّ حبّك هيّن |
|
تفنى عليه كرائم الأرواح |
حتّى رأيتك تجتبى وتخصّ من |
|
تختاره بلطائف الإمناح |
فعلمت أنّك لا تنال بحيلة |
|
فلويت رأسى تحت طىّ جناح |
وجعلت فى عشّ الغرام إقامتى |
|
أبدا وفيه توطنى ورواح |
ثم أرسلهما الحق تعالى إلى فرعون ، فقال :
(اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي (٤٢) اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٤٣) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (٤٤) قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى (٤٥) قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى (٤٦) فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى (٤٧) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٤٨))
يقول الحق جل جلاله لسيدنا موسى عليهالسلام : (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ) أي : ليذهب معك أخوك (بِآياتِي) : بمعجزاتى التي أريتكها ، من اليد والعصا ، فإنهما وإن كانتا اثنتين ، لكن فى كل واحدة منهما آيات ، فإنّ فى انقلاب العصا حيوانا : آية ، وكونها ثعبانا عظيما : آية ، وسرعة حركته ، مع عظم جرمه : آية ، وكذلك اليد ؛ فإنّ بياضها فى نفسه آية ، وشعاعها آية ، ثم رجوعها إلى حالتها الأولى آية. والباء للمصاحبة ، أي : اذهبا مصحوبين بمعجزاتنا ، مستمسكين بها ، (وَلا تَنِيا) : لا تفترا ولا تقصرا (فِي ذِكْرِي) عند تبليغ رسالتى ، ولا يشغلكما معاناة التبليغ عن ذكرى ، بما يليق بحالكما ؛ من ذكر لسان أو تفكر أو شهود ، فلا تغيبا عن مشاهدتى باشتغالكما بأمرى ، حتى لا تكونا فاترين فى عينى.
(اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) : تجبر وعلا. ولم يكن هارون حاضرا وقت هذا الوحى ، وإنما جمعهما ؛ تغليبا. روى أنه أوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى ـ عليهماالسلام ، وقيل : سمع بإقباله فتلقاه.