ـ ١ ـ
تمهيد
تقدم الحديث ، عند الكلام على تاريخ القرآن في المجلد الاول من هذه الموسوعة ، عن المراد بالاحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم ، وعما وراء ذلك من آراء ، وان اصحها هو الراي القائل بان المراد بها اللغات السبع التي كتب لها الظهور على غيرها من لغات العرب الاخرى صحة واستقامة ، وهي لئات : قريش ، وهذيل ، وثقيف ، وهو ازن ، وكنانة ، ونميم ، واليمن ، وقدمنا هناك امثله من ذلك.
وما من شك في ان القراء حفظوا لنا من تلك الاقات او القراءات ما لم يستوعبه الرسم ، اذ ان القراءة على الاحرف السبعة لم تكن واجبة على الامة ، والقراءة باحداها نجزي ، وقد اختار الرسم الصحفي اشيعها تداولا واعمها ، وهو ما اختاره عثمان رضي الله عنه ، وبقى القراءءة ، ومن تبعهم ممن روى عنهم ، يقاون هذا الماثور من تلك القراءات.
فلما كانت المائة الثالثة وتفشت المجمة شيئا وقل الضبط ، وخيف على تلك القراءءات من التبدل او التحريف ، انبرى لضبطها نفر من الائمة ذوى الرواية والادراية ، وكان اول سابق الى ذلك الامام ابو عبيد القاسم بن سلام (٢٢٤ ه) ، لجمع ما انتهى اليه في كتاب بلغت عدة من نقل عنهم فيه خمسة وعشرين فارثا ، ثم جاء من بعده الاسم احمد بن جبير ابن محمد الكوفي نزيل انطاكية (٢٥٨ ه) ، الذي ضمن كنابة فراءات امصار خمسة : مكة والمدينة ودمشق والبصرة والكوفة ، بعد ان اختار من كل مصر واحدا ، ثم كان القاضي اسماعيل بن اسحاق المالكي (٢٨٢ ه) فالف كتابا في القراءات جمع فيه قراءة عشرين اماما ، ومن بعده كان الامام ابو جعفر محمد بن جرير الطبري (٣١٠ ه) الذي الف كتابا حاملا جمع فيه ما يربو على عشرن قراءة ، ومن بعد الطبري كان الداحوني ابو بكر محمد بن احمد ابن عمر (٣٢٤ ه) الذي ضمن كتابه قراءا عشرة.
وسرعان ما انتهى الامر الى ابي بكر احمد بن موسى بن العباس بن مجاهد (٣٢٤ ه) ، فاذا هو يقصر الفراءات على سبع الفراء سبعة ، ويجعل ما عدا ذلك من الشاذ ، وهؤلاء الفراء السبعة هم :
(١) ابو عمران عبد الله بن عامر اليحصبي الدمشقي (١١٨ ه) ، وكان اماما كبيرا ، ام السفين بالجامع الاموي سنين كثيرة ، وقد اجتمع له القضاء ومشيخة الاقراء بدمشق ، ايام ان كانت دمشق دار الخلافة محط رجال العداء والتابعين ، فاجع الناس على فراءته وعلى تلقيها بالقبول ، وهم رجال الصدر الاول.
(٢) ابو معبد عبد الله بن كثير الداري المكي (١٢٠ ه) وكان امام اهل مكة في غر.
(٣) ابو بكر عاصم بن ابي التجود الكوفي (١٢٧ ه) ، وقد انتهت اليه رياسة الاقراء بالكوفة بعد ابي عبد الرحمن السلمي ، وكان من احسن الناس صوتا بالقرآن.