قال : (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) (٣٨). قوله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ :) تفسير مجاهد : يمحو الله ما يشاء ويثبت في كلّ ليلة القدر إلّا الشقاء والسعادة. وذكر بعضهم فقال : هي مثل قوله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) [البقرة : ١٠٦].
وتفسير الحسن أنّ آجال العباد عند الله ؛ في الكتاب أجل فلان كذا وكذا ، وأجل فلان كذا وكذا ، فيمحو الله من ذلك الكتاب ما يشاء ، أي : يمحو منه من انقضى أجله ، ويثبت من لم يجئ أجله ، فيدعه مثبتا في الكتاب حتّى ينقضي أجله ، فيمحي من ذلك الكتاب.
وبعضهم يقول : قال الله : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). [سورة ق : ١٨] أي : يكتب ما يقول ، فإذا كان كلّ يوم اثنين وخميس محي منه ما لم يكن خيرا أو شرّا ، وأثبت ما سوى ذلك من خير أو شرّ.
ذكروا أنّ عمر بن الخطاب كان يطوف بالبيت ويقول : اللهمّ إن كنت كتبت عليّ ذنبا أو إثما أو ضغنا فامحه عنّي ، فإنّك قلت : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ).
قوله : (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (٣٩) : ذكروا أنّ كعبا قال لعمر بن الخطّاب : لولا هذه الآية لحدّثتك بما هو كائن إلى يوم القيامة : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) ، وأمّ الكتاب : اللوح المحفوظ.
ذكروا عن كعب أنّه قال : إنّ أقرب الملائكة إلى الله إسرافيل ، وله أربعة أجنحة : جناح بالمشرق ، وجناح بالمغرب ، وقد تسرول بالثالث ، والرابع بينه وبين اللوح المحفوظ. فإذا أراد الله أمرا أن يوحيه جاء الله حتّى يصفق جبهة إسرافيل فيرفع رأسه فينظر ، فإذا الأمر مكتوب ؛ فينادي جبريل فيلبّيه فيقول : أمرت بكذا ، أمرت بكذا. فلا يهبط جبريل من سماء إلى سماء إلّا فزع أهلها مخافة الساعة ، حتّى يقول جبريل : الحقّ من عند الحقّ ، فيهبط على النبيّ ، فيوحي إليه. [وتفسير أمّ الكتاب جملة الكتاب وأصله] (١).
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١٦٣.