قوله : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ) : أي عملوا السيّئات ، والسيّئات ههنا الشرك (أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) (٤٥). قال : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ) في البلاد ، أي : في أسفارهم في غير قرار (فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (٤٦) : أي بسابقين (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) : أي يهلك القرية ، يخيف بهلاكها القرية الأخرى لعلّهم يرجعون ، أي : لعلّ من بقي منهم على دينهم ، دين الشرك ، أن يرجع إلى الإيمان (١).
وقال الكلبيّ : (أو ياخذهم في تقلّبهم) في البلاد بالليل والنهار. (أو ياخذهم على تخوّف) أي : على تنقّص (٢) ، أي : يبتليهم بالجهد حتّى يرقّوا ويقلّ عددهم. فإن تابوا وأصلحوا كشف عنهم. فذلك قوله : (فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٤٧) : أي إذ جعل لكم متابا ومرجعا.
قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ) : أي يرجع ظلّ كلّ شيء ، من الفيء ، (عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ). والفيء الظلّ. وقال الحسن : ربّما كان الفيء عن اليمين ، وربّما كان عن الشمال. وقال الكلبيّ : هذا يكون قبل طلوع الشمس وبعد غروبها. وقال بعضهم : (عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ) أمّا اليمين فأوّل النهار ، وأمّا الشمائل فآخر النهار.
قوله : (سُجَّداً لِلَّهِ) : فظلّ كلّ شيء سجوده. (وَهُمْ داخِرُونَ) (٤٨) : أي وهم صاغرون ، فيسجد ظلّ الكافر كارها ، أي : يسجد ظلّه والكافر كاره.
__________________
(١) من هنا أضيف إلى مخطوطاتي السابقة ق ، ع ، ج ، د ، وز للتحقيق مخطوطة أخرى من تفسير ابن سلّام اقتنيتها مصوّرة من المكتبة الوطنيّة بتونس بسعي مشكور من أحد الأساتذة الفضلاء هو الدكتور سعد غراب ، جازاه الله عنّا وعن الإسلام كلّ خير ، وهي المخطوطة التي تحمل رقم ٧٤٤٧ (عبدلية) ، والتي أرمز لها بحرفي س وع هكذا : " سع".
(٢) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : «أي : على تنقّص ، ومثله التخوّن. يقال تخوّفته الدهور وتخوّنته إذا نقصته وأخذت من ماله أو جسمه».