حقّاً إنّ التنوع الذي يتضمّنه القرآن الكريم تنوع عجيب ، خاصه وأنّه صدر من شخص لا يعرف القراءة والكتابة ، ففي هذا الكتاب وردت الأدلة العقلية بجزئياتها الخاصة حول قضايا العقائد ، وذكرت ـ أيضاً ـ الأحكام المتعلقة بحاجات البشر في المجالات كافة. وتعرّض القرآن ـ أيضاً ـ إلى قضايا وأحداث تأريخية تعتبر فريدة في نوعها ومثيرة في بابها ، وخالية من الخرافات.
وتعرّض إلى البحوث الأخلاقية التي تؤثّر في القلوب المستعدة كتأثير المطر في الأرض الميتة. القضايا العلمية ورد ذكرها في القرآن الكريم ، إذ ذكرت بعض الحقائق التي لم تكن تعرف في ذلك الزمان من قبل أيّ عالم.
والخلاصة : إنّ القرآن سلك كل وادٍ وتناول في آياته أفضل النماذج.
ولهذا السبب إذا اجتمعت الجن والإنس على أن يأتوا بمثله فلا يستطيعون ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.
(وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيراً (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلاً (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) (٩٣)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قال ابن عباس : إنّ جماعة من قريش ـ وفيهم الوليد بن المغيرة وأبو سفيان وأبوجهل ـ اجتمعوا عند الكعبة ، وقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمّد فكلّموه وخاصموه ، فبعثوا إليه إنّ أشراف قومك قد اجتمعوا لك ، فبادر صلىاللهعليهوآله إليهم ظنّاً منه أنّهم بدا لهم في أمره ، وكان حريصاً على رشدهم ، فجلس إليهم ، فقالوا : يا محمّد إنّا دعوناك لنعذر إليك ، فلا نعلم أحداً أدخل على قومه ما أدخلت على قومك ، شتمت الآلهة ، وعبت الدين وسفّهت الأحكام ، وفرّقت الجماعة ، فإن كنت جئت بهذا لتطلب مالاً أعطيناك ، وإن كنت