أحياناً اسم البحر لسعته وكثرة مياهه ؛ و «التابوت» : تعني الصندوق الخشبي ، ولا يعني دائماً الصندوق الذي يوضع فيه الأموات كما يظن البعض ، بل إنّ له معنى واسعاً.
ثم تضيف : (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّى وَعَدُوٌّ لَّهُ).
إنّ كلمة «عدو» قد تكررت هنا ، وهذا تأكيد على عداء فرعون لله ، ولموسى وبني إسرائيل ، وأشارت إلى أنّ الشخص الذي انغمس إلى هذا الحدّ في العداء هو الذي سيتولّى في النهاية تربية موسى.
ولما كان موسى عليهالسلام يجب أن يحفظ في حصن أمين في هذا الطريق المليء بالمخاطر ، فقد ألقى الله قبساً من محبّته عليه ، إلى الحدّ الذي لم ينظر إليه أحد إلّاويعشقه ، فلا يكف عن قتله وحسب ، بل لا يرضى أن تنقص شعرة من رأسه ، كما يقول القرآن في بقية هذه الآيات : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنّى).
يقولون : إنّ قابلة موسى كانت من الفراعنة ، وكانت مصمّمة على رفع خبر ولادته إلى فرعون ، إلّاأنّه لمّا وقعت عينها على عين المولود الجديد ، فكأنّ ومضة برقت من عينه وأضاءت أعماق قلبها ، وطوّقت محبته رقبتها ، وابتعدت عن رأسها كل الأفكار السيئة.
وتقول الآية في النهاية : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِى).
وكان قصر فرعون قد بني على جانب شط النيل ، وبينما كان فرعون وزوجته على حافّة الماء ينظرون إلى الأمواج ، وإذا بهذا الصندوق الغريب يلفت انتباههما ، فأمر جنوده أن يخرجوا الصندوق من الماء ، فلمّا فتحوا الصندوق شاهدوا بكامل العجب مولوداً جميلاً فيه ، وهو شيء لم يكن بالحسبان.
وهنا تنبّه فرعون إلى أنّ هذا الوليد ينبغي أن يكون من بني إسرائيل ، وإنّما لاقى هذا المصير خوفاً من جلاوزته ، فأمر بقتله ، إلّاأنّ زوجته ـ التي كانت عقيماً ـ تعلّقت جدّاً بالطفل ، فقد نفذ النور الذي كان ينبعث من عيني الطفل إلى زوايا قلبها ، وجذبها إليه ، فضربت على يد فرعون وطلبت منه أن يصرف النظر عن قتله ، وعبّرت عن هذا الطفل بأنّه (قرّة عين) ، بل وتمادت في طلبها ، فطلبت منه أن يتخذاه ولداً ليكون مبعث أمل لهما ، ويكبر في أحضانهما ، وأصرّت على طلبها حتى أصابت سهامها ، وحققت ما تصبو إليه.
غير أنّ الطفل جاع ، وأراد لبناً ، فاخذ يبكي ويذرف الدموع.
والآن نقرأ بقية القصة على ضوء الآيات الشريفة :
نعم يا موسى ، فإنّا كنّا قدّرنا أن تتربى بأعيننا وعلمنا (إِذْ تَمْشِى أُخْتُكَ) بأمر امّك