القضاء في هذه الدنيا ، أمّا في الآخرة فنحن المنتصرون ، وستلاقي أنت أشدّ العقاب (إِنَّمَا تَقْضِى هذِهِ الْحَيَوةَ الدُّنيَا).
ثم أضافوا بأنّا قد إرتكبنا ذنوباً كثيرة نتيجة السحر ، ف (إِنَّاءَامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطينَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى). وخلاصة القول : إنّ هدفنا هو الطهارة من الذنوب الماضية ، ومن جملتها محاربة نبي الله الحقيقي ، فإذا كنت تهدّدنا بالموت في الدنيا ، فإنّنا نتقبّل هذا الضرر القليل في مقابل ذلك الخير العظيم.
ثم واصل السحرة قولهم بأنّنا إذا كنّا قد آمنا فإنّ سبب ذلك واضح ف (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ) ومصيبته الكبرى في الجحيم هي أنّه (لَايَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى) بل إنّه يتقلّب دائماً بين الموت والحياة ، تلك الحياة التي هي أمرّ من الموت ، وأكثر مشقّة منه.
(وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصلِحتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجتُ الْعُلَى * جَنتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهرُ خلِدِينَ فِيهَا وَذلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّى).
عندما صمّموا على قبول الحقّ والثبات عليه بعشق ، وعلى قول المفسر الكبير العلّامة الطبرسي رحمهالله : «كانوا أوّل النهار كفّاراً سحرة ، وآخر النهار شهداء بررة».
(وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (٧٧) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى) (٧٩)
نجاة بني إسرائيل وغرق الفراعنة : بعد حادثة المجابهة بين موسى والسحرة ، وإنتصاره الباهر عليهم ، وإيمان جمع عظيم منهم ، فقد غزا موسى عليهالسلام ودينه أفكار الناس في مصر ، بالرغم من أنّ أكثر الأقباط لم يؤمنوا به ، إلّاأنّ هذا كان ديدنهم دائماً ، وكان بنو إسرائيل تحت قيادة موسى مع قلّة من المصريين في حالة صراع دائم مع الفراعنة ، ومرّت أعوام على هذا المنوال ، وحدثت حوادث مرّة موحشة وحوادث جميلة مؤنسة ، أورد بعضها القرآن الكريم في الآية (١٢٧) وما بعدها من سورة الأعراف.
وتشير الآيات التي نبحثها إلى آخر فصل من هذه القصة ، أي خروج بني إسرائيل من مصر ، فتقول : (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِى). فتهيّأ بنو إسرائيل للتوجه إلى