إنّ المراد من الإنسان هنا نوع الإنسان ؛ والمراد من «عجل» هي العجلة والتعجيل.
إنّ تعبير (خُلِقَ الْإِنسنُ مِنْ عَجَلٍ) نوع من التأكيد ، أي إنّ الإنسان عجول إلى درجة كأنّه خلق من العجلة ، وتشكّلت أنسجته ووجوده منها! وفي الواقع ، فإنّ كثيراً من البشر العاديين هم على هذه الشاكلة ، فهم عجولون في الخير وفي الشر.
وتضيف الآية في النهاية : (سَأُرِيكُمْءَايتِى فَلَا تَسْتَعْجِلُونَ).
التعبير بـ (آياتي) هنا يمكن أن يكون إشارة إلى آيات العذاب وعلاماته والبلاء الذي كان يهدّد به النبي صلىاللهعليهوآله مخالفيه ، ولكن هؤلاء الحمقى كانوا يقولون مراراً : فأين تلك الإبتلاءات والمصائب التي تخوّفنا بها؟ فالقرآن الكريم يقول : لا تعجلوا فلا يمضي زمن طويل حتى تحيط بكم.
ثم يشير القرآن إلى إحدى مطالب اولئك المستعجلين فيقول : (وَيَقُولُونَ مَتَى هذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صدِقِينَ). فهؤلاء غافلون عن أنّ قيام القيامة يعني تعاستهم وشقاءهم المرير.
وتجيبهم الآية التالية فتقول : (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَايَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ). أي إنّ هذه الأصنام التي يظنّون أنّها ستكون شفيعة لهم وناصرة ، لا تقدر على أيّ شيء.
ممّا يلفت النظر أنّ العقوبة الإلهية لا يعيّن وقتها دائماً (بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا) وحتى إذا استمهلوا ، وطلبوا التأخير على خلاف ما كانوا يستعجلون به إلى الآن ، فلا يجابون (وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ).
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (٤١) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣) بَلْ مَتَّعْنَا هؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (٤٤) قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ) (٤٥)