ثم يضيف : (وَلَهُ الدّينُ وَاصِبًا).
ثم يقول في نهاية الآية : (أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ).
فهل يمكن للأصنام أن تصدّ عنكم المكروه أو أن تفيض عليكم نعمة حتى تتقوها وتواظبوا على عبادتها؟!
هذا ... (وَمَا بِكُم مّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ).
فهذه الآية تحمل البيان الثالث بخصوص لزوم عبادة الله الواحد جلّ وعلا ، وأنّ عبادة الأصنام إن كانت شكراً على نعمة فهي ليست بمنعمة.
وعلاوة على ذلك ... (ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجَرُونَ).
فإن كانت عبادتكم للأصنام دفعاً للضر وحلًّا للمعضلات ، فهذا من الله.
وهذا البيان الرابع حول مسألة التوحيد بالعبادة.
«تجئرون» : من مادة (الجؤار) على وزن (غبار) ، بمعنى صوت الحيوانات والوحوش الحاصل بلا اختيار عند الألم ، ثم استعملت كناية في كل الآهات غير الاختيارية الناتجة عن ضيق أو ألم.
نعم. فالله سبحانه يسمع نداءكم في كل الحالات ويغيثكم ويرفع عنكم البلاء (ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مّنكُم بِرَبّهِمْ يُشْرِكُونَ) بالعود إلى الأصنام.
فالقرآن في الآية يشير إلى فطرة التوحيد في جميع الناس ، إلّاأنّ حجب الغفلة والغرور والجهل والتعصب والخرافات تغطّيها في الأحوال الاعتيادية.
وفي آخر آية (من الآيات مورد البحث) يأتي التهديد بعد إيضاح الحقيقة بالأدلة المنطقية : (لِيَكْفُرُوا بِمَاءَاتَيْنهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ).
(وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (٥٧) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٥٩) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٦٠)