التي أفاضتها الإرادة الإلهية فإنّ جميع المخلوقات في حالة سجود له جلّ وعلا ، ولا ينبغي لها أن تنحرف عن مسير هذه القوانين ، وكلها مظهرة لعظمة وعلم وقدرة الباري عزوجل ، ولتدلل على أنّها آية على غناه وجلاله ... والخلاصة : كلها دليل على ذاته المقدسة.
«الدابة» : بمعنى الموجودات الحيّة ، ويستفاد من ذكر الآية لسجود الكائنات الحيّة في السماوات والأرض على وجود كائنات حيّة في الأجرام السماوية المختلفة علاوة على ما موجود على الأرض.
أمّا جملة (وَهُمْ لَايَسْتَكْبِرُونَ) فإشارة لحال وشأن الملائكة التي لا يداخلها أيّ استكبار عند سجودها وخضوعها لله عزوجل.
ولهذا ذكر صفتين للملائكة بعد تلك الآية مباشرةً وتأكيداً لنفي حالة الإستكبار عنهم : (يَخَافُونَ رَبَّهُم مّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
ويستفاد من هذه الآية بوضوح أنّ علامة نفي الإستكبار شيئان :
أ) الشعور بالمسؤولية وإطاعة الأوامر الإلهية من دون أي اعتراض.
ب) ممارسة الأوامر الإلهية بما ينبغي والعمل وفق القوانين المعدّة لذلك.
(وَقَالَ اللهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٥١) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ (٥٢) وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (٥٣) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٥٤) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٥٥)
دين حق ومعبود واحد : تتناول هذه الآيات موضوع نفي الشرك تعقيباً لبحث التوحيد ومعرفة الله عن طريق نظام الخلق الذي ورد في الآيات السابقة ، لتتّضح الحقيقة من خلال المقارنة بين الموضوع ، ويبتدأ ب (وَقَالَ اللهُ لَاتَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإِيىَ فَارْهَبُونِ).
ثم يوضّح القرآن أدلة توحيد العبادة بأربعة بيانات ضمن ثلاث آيات ... فيقول أوّلاً (وَلَهُ مَا فِى السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ) فهل ينبغي السجود للأصنام التي لا تملك شيئاً ، أم لمن له ما في السماوات والأرض؟