الحطب التي لا قيمة لها ، ثم تضيف : (أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ).
إنّهم يلقون آلهتكم في النار أوّلاً ، ثم تردون عليها ، فكأنّ آلهتكم تستقبلكم وتستضيفكم بالنار المنبعثة من وجودها.
ثم تقول كإستخلاص للنتيجة : (لَوْ كَانَ هؤُلَاءِءَالِهَةً مَّا وَرَدُوهَا). ولكن اعلموا أنّهم لا يدخلون جهنم وحسب ، بل (وَكُلٌّ فِيهَا خلِدُونَ).
ولمزيد الإيضاح عن حال هؤلاء «العابدين الضالين» المؤلمة المخزية قبال «آلهتهم الحقيرة» ، تقول الآية محل البحث : (لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ).
«الزفير» : في الأصل يعني الصراخ المقترن بإخراج النفس. وهنا إشارة إلى الصراخ أو الضجيج المنبعث من الحزن وشدة الكرب.
إنّ هذا الزفير أو الأنين المؤلم لا يكون مقتصراً على العباد فحسب ، بل إنّ معبوداتهم من الشياطين أيضاً يصطرخون معهم.
ثم تذكّر الجملة التالية أحد العقوبات الاخرى المؤلمة لهؤلاء ، وهي (وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ). وهذه الجملة قد تكون إشارة إلى أنّ هؤلاء لا يسمعون الكلام الذي يسرّهم ويبهجهم ، بل يسمعون أنين أهل جهنم المؤلم المنغّص وصراخ ملائكة العذاب فقط.
وقال بعضهم : إنّ المراد هو أنّ هؤلاء يوضعون في توابيت من نار بحيث لا يسمعون صوت أيّ أحد أبداً ، فكأنّهم لوحدهم في العذاب ، وهذا بنفسه يعتبر عقوبة أشد.
ثم تبيّن الآية التالية حالات المؤمنين الحقيقيين من الرجال والنساء ليتبيّن وضع الفريقين من خلال المقارنة بينهما ، فتقول أوّلاً : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مّنَّا الْحُسْنَى أُولئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ). وهو إشارة إلى أنّنا سنفي بكل الوعود التي وعدنا بها المؤمنين في هذه الدنيا ، وأحدها إبعادهم عن نار جهنم.
وتذكر الآيتان الأخيرتان أربع نعم إلهية كبرى تغمر هذه الطائفة السعيدة.
فالاولى : إنّهم (لَايَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا). و «الحسيس» : الصوت المحسوس ، وجاءت أيضاً بمعنى الحركة ، أو الصوت الناشىء من الحركة ، ونار الجحيم المشتعلة دائماً لها صوت خاص ، وهذا الصوت مرعب من جهتين : من جهة أنّه صوت النار ، ومن جهة أنّه صوت حركة النار والتهامها.
والثانية : إنّهم (وَهُمْ فِى مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خلِدُونَ). فليس حالهم كما في هذه الدنيا