فتقول : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصَّالِحُونَ).
«الأرض» : تطلق على مجموع الكرة الأرضية.
«الإرث» : يعني إنتقال الشيء إلى شخص بدون معاملة وأخذ وعطاء.
إنّ المراد من الزبور كتاب داود ، والذكر بمعنى التوراة.
إنّ كلمة الصالحون لها معنى واسع ، فستخطر على الذهن كل المؤهّلات ، الأهلية من ناحية التقوى ، والعلم والوعي ، ومن جهة القدرة والقوة ، ومن جانب التدبير والتنظيم والإدراك الاجتماعي.
إنّ الآية التالية تقول من باب التأكيد المشدد : (إِنَّ فِى هذَا لَبَلغًا لّقَوْمٍ عبِدِينَ).
لقد فسّرت هذه الآية في بعض الروايات بأصحاب المهدي عليهالسلام ، وهو بيان مصداق عال وواضح ، ولا تحدّ من عمومية مفهوم الآية مطلقاً.
إنّ نظام الخلقة سيكون دليلاً واضحاً على قبول نظام اجتماعي صحيح في المستقبل ، في عالم الإنسانية ، وهذا هو الذي يستفاد من الآية مورد البحث ، والأحاديث المرتبطة بقيام المصلح العالمي العظيم ، المهدي الموعود.
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧) قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (١٠٩) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (١١٠) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (١١١) قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) (١١٢)
النبي رحمة للعالمين : لمّا كانت الآيات السابقة قد بشّرت العباد الصالحين بوراثة الأرض وحكمها ، ومثل هذه الحكومة أساس الرحمة لكل البشر ، فإنّ الآية الاولى أشارت إلى رحمة وجود النبي صلىاللهعليهوآله العامة ، فقالت : (وَمَا أَرْسَلْنكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعلَمِينَ). فإنّ عامّة البشر في الدنيا ، سواء الكافر منهم والمؤمن ، مشمولون لرحمتك ، لأنّك تكفّلت بنشر الدين الذي يُنقذ الجميع.
إنّ التعبير ب «العالمين» له إطار واسع يشمل كل البشر وعلى إمتداد الأعصار والقرون،