وهذا الثواب والفضل العظيم ليس لمجرد التلاوة اللفظيّة فقط ، وإنّما لتلاوة تنير الفكر ، وتفكّر يتبعه عمل وتطبيق.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ) (٢)
زلزلة البعث العظيمة : تبدأ هذه السورة بآيتين تشيران إلى يوم البعث ومقدماته ، وهما آيتان تبعدان الإنسان ـ دون إرادته ـ عن هذه الحياة المادية العابرة ، ليفكّر بالمستقبل المخيف الذي ينتظره ، المستقبل الذي سيكون جميلاً وسعيداً إن فكّرت فيه اليوم ، ولكنّه مخيف حقّاً إن لم تعدّ العدة له ، والآية المباركة : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ). خطاب للناس جميعاً بلا استثناء ، فقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) دليل واضح على عدم التفريق بينهم من ناحية العنصر ، واللغة ، والزمان ، والأماكن الجغرافية ، والطوائف ، والقبائل ، فهو موجّه للجميع : المؤمن والكافر ، والكبير والصغير ، والشيخ والشاب ، والرجل والمرأة ، على إمتداد العصور.
ثم بيّنت الآية التالية في عدّة جمل إنعكاس هذا الذعر الشديد ، فقالت : (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) من شدة الوحشة والرعب.
(وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا).
وثالث إنعكاس لهذا الذعر الشديد : (وَتَرَى النَّاسَ سُكرَى وَمَا هُمْ بِسُكرَى). وعلة ذلك هو شدة العذاب في ذلك اليوم (وَلكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ). هذا العذاب الذي أرعب الناس وأفقدهم صوابهم.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (٣) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) (٤)
أتباع الشيطان : بعد أن أعطت الآيات السابقة صورة لرعب الناس حين وقوع زلزلة