القيامة ، أوضحت الآيات اللاحقة حالة اولئك الذين نسوا الله ، وكيف غفلوا عن مثل هذا الحدث العظيم ، فقالت : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجدِلُ فِى اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ).
نجد هؤلاء الناس يجادلون مرّة في أساس التوحيد ووحدانية الحق تبارك وتعالى ، ومرّة يجادلون في قدرة الله على إحياء الموتى ، وفي البعث والنشور ، ولا دليل لهم على ما يقولون.
ثم تضيف هذه الآية : (وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطنٍ مَّرِيدٍ). فهؤلاء الأشخاص الذين لا يتّبعون منطقاً أو علماً ، وإنّما يتّبعون كل شيطان عنيد ومتمرد ، ولا يخضعون لشيطان واحد ، بل لجميع الشياطين! شياطين الإنس والجن ، الذين لكل منهم برنامجه وأحابيله وشراكه.
«مريد» : مشتقة من «مَرَدَ» وأصلها الأرض المرتفعة التي لا نبت فيها. وهنا يقصد ب «المريد» الشخص الذي خلا من أيّ خير وسعادة. وطبيعي أن يكون مثل هذا الشخص عنيداً وظالماً وعاصياً.
ومن هنا كانت الآية اللاحقة : (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) (١).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٧)
دليل المعاد في عالم الأجنة والنبات : بما أنّ البحث في الآيات السابقة كان يدور حول
__________________
(١) «السعير» : مشتقة من «سَعَرَ» بمعنى لهب النّار ، وتعني هنا نار جهنّم الحارقة التي تمتاز بأنّها أكثر حرقاً من أيّ نار.