ونؤكّد أنّ فضيلة السورة ، إنّما يجب أن يرافق ذلك التمعّن في معانيها والعمل بما أوجبته ، لأنّ هذا الكتاب يبني الذات الإنسانية ويربّيها.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (٤) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العَادُونَ (٧) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩) أُولئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (١١)
صفات المؤمنين البارزة : اختيار اسم المؤمنين لهذه السورة لأنّه جاء في بدايتها آيات شرحت بعبارات وجيزة معبّرة صفات المؤمنين ، ومما يلفت النظر أنّها أشارت إلى مستقبل المؤمنين السعيد قبل بيان صفاتهم ، إستنارةً للشوق في قلوب المسلمين للوصول إلى هذا الفخر العظيم بإكتساب صفة المؤمنين. تقول الآية : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ).
«أفلح» : مشتقة من الفلح والفلاح ، وتعني في الأصل الحرث والشقّ ، ثم اطلقت على أيّ نوع من النصر والوصول إلى الهدف والسعادة بشكل عام ، ولكلمة الفلاح معنىً واسعاً يضمّ الفلاح المادي والمعنوي ، ويكون الإثنان للمؤمنين.
ثم تشرح الآية هذه الصفات فتؤكّد قبل كل شيء على الصلاة فتقول : (الَّذِينَ هُمْ فِى صَلَاتِهِمْ خشِعُونَ). «خاشعون» : مشتقة من خشوع ، بمعنى التواضع وحالة التأدّب يتخذها الإنسان جسماً وروحاً بين يدي شخصية كبيرة ، أو حقيقة مهمة تظهر في الإنسان وتبدو علاماتها على ظاهر جسمه.
والقرآن اعتبر الخشوع صفة المؤمنين ، وليس إقامة الصلاة ، إشارة منه إلى أنّ الصلاة ليست مجرد ألفاظ وحركات لا روح فيها ولا معنى ، وإنّما تظهر في المؤمن حين إقامة الصلاة حالة توجّه إلى الله تفصله عن الغير وتلحقه بالخالق.