نفع في ولده ، أو أخيه ، أو والده.
وثانيتهما : سيطرة الخوف على الجميع ، فلا يسأل أحد عن حال غيره بسبب الخوف الشديد من العقاب الإلهي ، هو يوم كما اطّلعنا عليه في مطلع سورة الحج : (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكرَى وَمَا هُم بِسُكرَى وَلكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ).
وبعد وقوع القيامة تبدأ مرحلة الحساب وقياس الأعمال بميزان خاص بيوم القيامة : (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
«الموازين» : جمع «ميزان» وهو وسيلة للقياس ، وكما ورد في الأحاديث المختلفة أنّه ميزان تقاس به الأعمال والناس ، وهم قادة الإسلام الكبار ، في الحديث : (إنّ أمير المؤمنين والأئمة من ذريته عليهمالسلام هم الموازين) (١).
وعلى هذا فإنّ الرسل وأوصياءهم هم الذين يقاس الناس وأعمالهم بهم ، ليتبيّن إلى أيّ درجة يشبهونهم.
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ). وهم الذين فقدوا الإيمان والعمل الصالح ، فوزنهم خفيف يوم القيامة لأنّهم خسروا رأسمال وجودهم : (فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِى جَهَنَّمَ خلِدُونَ).
عبارة (خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ) تصريح بحقيقة خسران المذنبين لأكبر رأسمال لهم ـ أي وجودهم ـ في سوق تجارة الدنيا دون أن يحصلوا على مقابل.
وتشرح الآية التالية عذابهم الأليم : (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ). ألسنة النار ولهيبها المحرق تضرب وجوههم كضرب السيف ، (وَهُمْ فِيهَا كلِحُونَ) وهم من شدة الألم وعذاب النار ، في عبوس واكفهرار.
«تلفح» : تعني في الأصل ضربة السيف ، وقد وردت هنا كناية ، لأنّ لهيب النار ، أو نور الشمس المحرقة ، وريح السموم ، تضرب وجه الإنسان كضرب السيف.
«كالح» : بمعنى التعبيس واكفهرار الوجه.
__________________
(١) بحار الأنوار ٧ / ٢٥٢.