ولذا يجيبهم القرآن الكريم قائلاً : (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ) التي هي من صنع أفكاركم المحدودة ومن صنع موجودات (ممكنة الوجود) ومليئة بالنواقص.
فالله الذي دعاكم لأن تدعوه وتناجوه ، وفتح لكم أبواب دعائه ليل نهار ، لاينبغي أن تشبّهوه بجبار مستكبر لا يتمكن أي أحد من الوصول إليه ودخول قصره إلّابعض الخواص (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ).
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٧٥) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٧٧)
مثلان للمؤمن والكافر : ضمن التعقيب على الآيات السابقة التي تحدثت عن : الإيمان ، الكفر ، المؤمنين ، الكافرين والمشركين ، تشخّص الآيات مورد البحث حال المجموعتين (المؤمنين والكافرين) بضرب مثلين حيّين وواضحين.
يشبّه المثال الأوّل المشركين بعبد مملوك لا يستطيع القيام بأيّة خدمة لمولاه ، ويشبّه المؤمنين بإنسان غني ، يستفيد الجميع من إمكانياته ... (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّايَقْدِرُ عَلَى شَىْءٍ).
أمّا ما يقابل ذلك فالإنسان المؤمن الذي يتمتع بأنواع المواهب والرزق الحسن : (وَمَن رَّزَقْنهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا) والإنسان الحر مع ما له من إمكانيات واسعة (وَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا). فاحكموا : (هَلْ يَسْتَوُونَ).
قطعاً ، لا ... فإذن : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) الذي يكون عبده حرّ وقادر ومنفق ، وليس الأصنام التي يكون عبّادها أسرى وعديمو القدرة ومحددون (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَايَعْلَمُونَ).
ثم يضرب مثلاً آخر لعبدة الأصنام والمؤمنين والصادقين ، فيشبّه الأوّل بالعبد الأبكم الذي لا يقدر على شيء ، ويشبّه الآخر بإنسان حر يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم :