البحث بنظام الحياة والموت ، ثم التفاوت في الأرزاق والإستعدادات الكاشف لنظام (تنوع الحياة) لتنتهي بالآية مورد البحث ، حيث النظر إلى نظام تكثير النسل البشري و...
الأرزاق الطيبة. وتقول الآية : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) لتكون سكناً لأرواحكم وأجسادكم وسبباً لبقاء النسل البشري.
ولهذا تقول وبلافاصلة : (وَجَعَلَ لَكُم مّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً).
«الحفدة» : بمعنى (حافد) وهي في الأصل بمعنى الإنسان الذي يعمل بسرعة ونشاط دون انتظار أجر وجزاء ، أمّا في هذه الآية فالمقصود منها أولاد الأولاد.
ثم يقول القرآن الكريم : (وَرَزَقَكُم مّنَ الطَّيّبَاتِ).
وبعد كل العرض القرآني لآثار وعظمة قدرة الله ، ومع كل ما أفاض على البشرية من نعم ، نرى المشركين بالرغم من مشاهدتهم لكل ما أعطاهم مولاهم الحق ، يذهبون إلى الأصنام ويتركون السبيل التي توصلهم إلى جادة الحق (أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ).
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣) فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (٧٤)
تواصل هاتان الآيتان بحوث التوحيد السابقة ، وتشير إلى موضوع الشرك ، وتقول بلهجة شديدة ملؤها اللوم والتوبيخ : (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لَايَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مّنَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ شَيًا).
وليس لا يملك شيئاً فقط ، بل (وَلَا يَسْتَطِيعُونَ) أن يخلقوا شيئاً.
وهذه إشارة إلى المشركين بأن لا أمل لكم في عبادتكم للأصنام.
ثمّ تقول الآية التالية كنتيجة لما قبلها : (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ). وذلك (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَاتَعْلَمُونَ).
إنّ عبارة (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ) تشير إلى منطق المشركين في عصر الجاهلية (ولا يخلو عصرنا الحاضر من أشباه اولئك المشركين) حيث كانوا يقولون : إنّما نعبد الأصنام لأنّنا لا نمتلك الأهلية لعبادة الله ، فنعبدها لتقرّبنا إلى الله! وإنّ الله مثل ملك عظيم لا يصل إليه إلّا الوزراء والخواص ، وما على عوام الناس إلّاأن تتقرب للحاشية والخواص لتصل إلى خدمة الله!