(إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١) لَوْ لَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢) لَوْ لَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٣) وَلَوْ لَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٤) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ (١٥) وَلَوْ لَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذَا سُبْحَانَكَ هذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) (١٦)
حديث الإفك المثير : يستفاد من مجموع الآيات هو أنّه قد اتهم شخص بريء بعمل مخلّ بالعفة والشرف حين نزول هذه الآيات ، وأنّ الشائعات كانت منتشرة في المدينة ، وأنّ مجموعة من المنافقين المتظاهرين بالإسلام أرادوا الاخلال بالمجتمع الإسلامي إلى أخسّ السبل لتلويث سمعة النبي صلىاللهعليهوآله والحط من شأنه المقدس لدى الناس ، بترويجهم هذه الشائعة ، فنزلت هذه الآيات ، وتصدّت لهذه الحادثة بقوة ، ودفعت المنحرفين والمنافقين الحاقدين إلى جحورهم. وهذه الأحكام نافذة في كل بيئة وزمان. تقول أوّل آية من الآيات موضع البحث ، دون أن تطرح أصل الحادثة : (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُو بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ).
«الإفك» : على وزن «فكر» يقصد بها كل مصروف عن وجهه ، الذي يحق له أن يكون عليه ، ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب «مؤتفكة» ، ثم اطلقت على كل كلام منحرف عن الحق ومجانب للصواب ، ومن ذلك يطلق على الكذب «إفك».
و «العُصبة» : على وزن «فُعْلَة» مشتقة من العَصَبْ ، وجمعها أعصاب ، وهي التي تربط عضلات الجسم بعضها مع بعض ، وعلى شكل شبكة منتشرة في الجسم ، ثم أطلقت كلمة «عصبة» على مجموعة من الناس متحدة وذات عقيدة واحدة.
واستخدام هذه الكلمة يكشف عن الإرتباط الوثيق بين المتآمرين المشتركين في ترويج حديث الإفك ، حيث كانوا يشكّلون شبكة قوية منسجمة ومستعدة لتنفيذ المؤامرات.